بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. دولة عربية في مأزق

19 يونيو 2025
بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. دولة عربية في مأزق


ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي أنه “في الوقت الذي تحلق فيه الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإيرانية في سماء الشرق الأوسط، تجد دولة العراق نفسها عالقة في مرمى النيران. ففي ظل الصراع بين عمالقة المنطقة، أصبح الاستقرار الهش الذي حققه العراق بشق الأنفس معلقاً الآن بشكل خطير. وقد انكشف اعتراف واشنطن الضمني بالموقف الضعيف للعراق من خلال قرارها بإجلاء جزء من موظفي سفارتها في بغداد والسماح لأفراد عائلاتهم العسكريين بمغادرة المنطقة. وقد أدى هذا الانسحاب، الذي جاء نتيجة لمعلومات استخباراتية تشير إلى استعدادات إسرائيلية لشن ضربات بعيدة المدى، إلى تسليط الضوء على أن المجال الجوي العراقي قد يكون ممراً غير مقصود للعمليات الإسرائيلية والإيرانية”. 

وبحسب الموقع، “الآن، يجد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نفسه في مأزق معقد، إذ يحاول الحفاظ على الشراكة الأمنية العراقية مع الولايات المتحدة، بينما يواجه في الوقت عينه ضغوطاً محلية مكثفة من فصائل قوية تابعة لقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران. وقد عززت هذه الجماعات، التي شجعتها المواجهة بين إسرائيل وإيران، دعواتها إلى انسحاب القوات الأميركية وتهدد بشن هجمات متجددة ضد أفراد أميركيين، حيث تعتبرهم أهدافا مشروعة وداعمين للعدوان الإسرائيلي.  ومنذ ذلك الحين، أصبحت قوات الحشد الشعبي تشكل تحديًا صعبًا لسيادة الدولة العراقية. وعلى مدى سنوات، أظهرت هذه الجماعات، وخاصة العناصر المتشددة بينها والمعروفة باسم “المقاومة”، قدرة على العمل في معارضة السياسة الرسمية لبغداد”.

وتابع الموقع، “لقد ظهر ذلك مؤخرا في تهديداتهم باعتقال الرئيس السوري أحمد الشرع قبل انعقاد القمة العربية في بغداد الشهر الماضي، استنادا إلى مذكرة اعتقال عراقية سارية المفعول بسبب أنشطته الإرهابية السابقة على الأراضي العراقية. وأدى ذلك إلى تقويض محاولات رئيس الوزراء العراقي التقارب مع دمشق بشكل مباشر. علاوة على ذلك، تورطت إحدى الفصائل المتشددة في قوات الحشد الشعبي، وهي كتائب حزب الله، في اختطاف إليزابيث تسوركوف، الأكاديمية الإسرائيلية الروسية التي لا يزال إطلاق سراحها قيد التفاوض، على الرغم من الجهود المتضافرة التي بذلها وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ورئيس الوزراء السوداني”. 

وأضاف الموقع، “اشتدت العداوة العميقة الجذور بين فصائل الحشد الشعبي والقوات الأميركية بشكل كبير بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وقائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس على يد الولايات المتحدة في عام 2020. وتصاعد هذا العداء بشكل أكبر في أعقاب اندلاع العنف بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول 2023. ونتيجة لذلك، شهد العراق منذ ذلك الحين تصعيداً حاداً في الخطاب والهجمات المتكررة ضد الأصول والأفراد الأميركيين، وقد تزايدت هذه النزعة العدوانية في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة على إيران. وحذر أبو حسين الحميداوي الأمين العام لكتائب حزب الله العراقي من أنه “إذا تجرأت أميركا على التدخل في الحرب فإننا سنستهدف مصالحها وقواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة بشكل مباشر دون تردد”. وقد ردد قادة آخرون في الحشد الشعبي هذا الموقف، حيث أكد أكرم الكعبي، رئيس حركة حزب الله النجباء، أن الهجوم على إيران كان “بالتعاون مع المحتل الأميركي” وطالب “بإخراج الولايات المتحدة من العراق”.”

وبحسب الموقع، “تظل قدرة الحكومة العراقية على كبح جماح هذه الجماعات، نظراً لقوتها ونفوذها داخل النظام السياسي، محدودة، وقد يصبح الأمر أكثر صعوبة في مواجهة حرب طويلة الأمد بين إسرائيل وإيران. ويتفاقم هذا التحدي الداخلي بسبب تعرض العراق لانتهاكات المجال الجوي. وعلى الرغم من الاستثمارات الأخيرة التي بلغت قيمتها عدة مليارات من الدولارات بهدف تحديث أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك خطط للحصول على قدرات متقدمة من كوريا الجنوبية وفرنسا وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، فإن هذه التحسينات لا تزال غير مكتملة. ولذلك فإن الدفاعات الجوية العراقية الحالية ليست قوية بما يكفي لاعتراض التهديدات العالية السرعة أو البعيدة المدى، مثل الطائرات الإسرائيلية أو الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تعبر سمائها”.

ورأى الموقع أن “الخيار الوحيد أمام الحكومة العراقية هو عبر القنوات الدبلوماسية. ونقل السوداني، في بيان صحفي صادر عن مكتبه، “رفض العراق القاطع لاستخدام أراضيه أو مجاله الجوي لتنفيذ أو تسهيل أي أعمال عدوانية ضد الدول المجاورة” إلى ستيفن فاغن، القائم بالأعمال الأميركي في العراق، واللواء كيفن ليهي، قائد التحالف الدولي لمحاربة داعش. كما قدّمت بغداد شكوى رسمية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحثّت الولايات المتحدة مباشرةً على منع تحليق الطائرات الإسرائيلية في الأجواء العراقية، إلا أن نفوذ العراق لا يزال محدودًا.إن اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008، المصممة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والعراق، تحظر صراحة استخدام الأراضي العراقية لشن “هجمات ضد دول أخرى”. ولكن من الناحية العملية، يبدو أن المصالح الاستراتيجية الأميركية، وخاصة في ظل الصراع الحالي، تتفوق على السيطرة النظرية لبغداد”.

وبحسب الموقع، “إن إيران، التي تدرك عجز العراق، كثفت ضغوطها الدبلوماسية على بغداد. وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي صراحة أن العراق “غير قادر على الحفاظ على سيادة أراضيه والسيطرة عليها في مواجهة العدوان”، مطالبا بغداد “بتحمل مسؤوليتها في منع استخدام مجالها الجوي للعدوان على الدول المجاورة”. وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان هذا الموقف، داعيا العراق إلى منع “إساءة استخدام” مجاله الجوي ضد إيران. ويبقى الخطر الأعظم في أنه إذا فشل السوداني في كبح جماح فصائل الحشد الشعبي وواجهت القوات الأميركية هجمات مستمرة، فإن تركيزها سيتحول حتما من محاربة داعش إلى الدفاع عن النفس أو الانسحاب، ومن شأن هذا أن يقلل بشكل كبير من قدرتهم على دعم القوات العراقية والكردية في مكافحة الإرهاب، مما يخلق فراغًا خطيرًا لتنظيم داعش لإعادة تنظيم صفوفه والتوسع”. 

وختم الموقع، “العراق، الهشّ داخليًا والمكشوف جغرافيًا، يُخاطر بأن يصبح ساحة معركة وخاسرًا في الصراع الإسرائيلي الإيراني. ويشكّل استمرار المواجهة تهديدًا وجوديًا لأمنه، ويُعرّض انتعاشه الناشئ للخطر”.