في تحذير يُعَدّ من بين الأشد صراحة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، نقلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن أوساط عسكرية قولها إن احتمال اندلاع صراع مباشر مع روسيا بحلول عام 2030 بات “سيناريو واقعيًا”، واصفة إياه بـ”السيناريو الأسود” بالنسبة للجيش الفرنسي.
ويستند هذا التحذير إلى المراجعة الاستراتيجية الوطنية التي صدرت في 13 تموز، عقب خطاب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي رأت أن عدوانًا روسيًا محتملًا على دولة أوروبية خلال السنوات القليلة المقبلة أصبح احتمالًا “ذا مصداقية”، ما يستدعي إعادة النظر في جاهزية الجيش والمجتمع الفرنسي برمّته.
ونقلت الصحيفة عن نيكولاس ليرنر، رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي، قوله إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “مهّد منذ سنوات لعمل عسكري ضد الغرب”، وهو ما يتوافق مع تحذيرات أوروبية متكررة، من بينها تصريح مدير الاستخبارات الألمانية، برونو كاهل، الذي قال في حزيران: “لدينا أدلة تؤكد أن أوكرانيا ليست سوى محطة أولى في مشروع بوتين لمواجهة الغرب”.
ووفق الوثيقة الفرنسية، فإن الخطر الروسي يُعتبر التهديد الأكثر إلحاحًا، متفوقًا على الإرهاب والعمليات العسكرية الخارجية. كما أن فرنسا قد تكون عرضة لهجمات هجينة تستهدف الجبهة الداخلية، مثل الهجمات السيبرانية، وحملات التضليل، والتخريب، إضافة إلى زرع التوترات الاجتماعية والسياسية بهدف إضعاف قدرتها الدفاعية.
ويشير التقرير إلى أن مسارح المواجهة المحتملة لم تُحدَّد بدقة، لكنها قد تشمل دول البلطيق، الحدود البولندية مع جيب كالينينغراد، أو حتى رومانيا ومولدوفا، باعتبارها مناطق حساسة في مواجهة تمدّد النفوذ الروسي.
وتواجه القوات المسلحة الفرنسية تحديات حقيقية، من بينها النقص في الكوادر والمعدات، وعدم جاهزية القطاع اللوجستي والمالي لدعم عمليات طويلة المدى، بحسب التقرير. وقد وضع رئيس أركان الجيش الفرنسي، الجنرال شيل، هدفًا يتمثل في تشكيل فرقة “جاهزة للحرب” يمكن نشرها خلال 30 يومًا بحلول عام 2027، إلا أن تحقيق هذا الهدف ما زال يصطدم بعقبات كبيرة على أرض الواقع.
واختتمت لوفيغارو تقريرها بالتأكيد على أن فرنسا تغيّر عقيدتها العسكرية جذريًا لمواجهة “قوس الأزمات” الذي بات يطوّق أوروبا، في وقت يتطلب استعدادًا شاملاً يشمل ليس فقط القوات المسلحة، بل المجتمع الفرنسي بأسره. (ارم نيوز)