باتت المعركة الرئاسية في لبنان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتسويات التي تدور في المنطقة، لا سيما وأن البلاد على موعد مع مرحلة مصيرية في ظلّ التحولات الدولية الحاصلة وبروز الصراع حول ملفّ ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
خابت كل التوقعات بشأن الاستحقاق الرئاسي، فبعد أن كاد يذهب باتجاه نوع من الاستقلالية على غرار العام 2016 مع انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون حيث لعب التوافق اللبناني دوراً رئيسياً في وصوله الى بعبدا، دخل لبنان مجدداً في البازارات الاقليمية والدولية المترابطة وبات من الصعب التفلّت منها قبل نضوج الحلّ في المنطقة.في سياق متصل، فإن الحديث عن شخصية الرئيس المقبل وكل الجدال الحاصل حولها بين القوى السياسية في لبنان من جهة وقوى التغيير من جهة اخرى يبدو مبكراً للغاية، خصوصاً وأن الملفات العالقة في المنطقة تتقلّب على نار هادئة بدءاً من الملف النووي بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران مروراً بالمحادثات العربية بين سوريا والمملكة العربية السعودية، وصولاً الى التطورات في الملف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، إذ لا يبدو أن أحداً من المعنيين بطاولة المفاوضات يستعجل حصول تسوية ما في ظلّ الانشغال بالحرب الروسية- الاوكرانية وترقّب نتائجها.
من هُنا بدأت تبرز عدة سيناريوهات من شأنها أن تحكُم المشهد اللبناني في الفترة المقبلة، أهمها الذهاب نحو تسوية برعاية الولايات المتحدة الاميركية بطبيعة الحال، وذلك مع وجود الوسيط الاميركي عاموس هوكشتين، ما يعني بأن التسوية قد تشمل الساحة السياسية اللبنانية ويصبح هناك رئيس جديد للبنان، وإن سقط البلد في الفراغ لمدة محدودة، ومن المرجح أن يكون الرئيس المقبل شخصية تسووية يتفق عليها الجميع برعاية اقليمية ودولية من دون أن تؤدي الى عزل أي من الفرقاء الاقليميين او الداخليين.وفق مصادر متابعة فإنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الشخصية وسطية، بل من الممكن أن تكون ضمن احد الاصطفافات السياسية لكنها لا تشكل اي نوع من انواع الاستفزاز لأي محور من المحاور المعنية بالملف اللبناني، الامر الذي يبدو مرجحاً في حال ذهاب المنطقة نحو تسوية كاملة الاوصاف في كافة الملفات الحاضرة.
اما في حال اتجهت التطورات نحو معركة، وان كانت محدودة، فإن النتائج ستكون من بين العوامل التي تؤثر على شخصية الرئيس. فإذا تمكّن “حزب الله” من تحقيق انتصار كبير يؤدي الى فرض التسوية لصالحه، فإنه ستكون له اليد الطولى في السياسة الداخلية والقدرة على إيصال مرشحه للرئاسة حتى لو أنه لم يتورط بمقارعة “كسر عظم”، حيث أن عدداً كبيراً من القوى السياسية قد يلتحق به سياسياً نظراً لسيطرته في الملفات الاستراتيجية الحساسة.