في حلقة برنامج “صار الوقت” بتاريخ 2 آب 2019، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إنّ أحد المنتسبين إلى القوات في البترون وقع في قبضة دورية لقوى الأمن الداخلي بتهمتي “تهريب الحشيشة” وإطلاق النار ومقاومة عناصر الدورية، فرفض التدخـّل لحمايته، ورغم ذلك خرج من السجن بعد ثلاثة أسابيع، عندما قصد أهلُه “شخصاً في البترون توسط له وأخرجه من الاحتجاز” بعد أن أطلقته قاضية كانت مرشّحة إلى مجلس شورى الدولة.
كانت إشارة الدكتور جعجع في سياق الأعمال التي كان يقوم بها ذلك “الشخص” في مسعاه للفوز قبل الانتخابات النيابية الأخيرة (جبران باسيل)، ولم يخطر في بال الحكيم أن يكون البعد أكثر من الخدمات الهادفة إلى شراء ذمم الناخبين.
لكن بعد عام تقريباً من ذلك التصريح، ظهر على وسائل الإعلام محازبون للتيار الوطني الحرّ متورّطون في جرائم الاتّجار بالمخدِّرات، ما طرح تساؤلات عن حقيقة ما يجري، وهل هي انحرافات فرديّة، وإذا كانت كذلك، فلماذا حلّ الصمت على قيادة التيار عند نشر أخبار تورّط وجوهٍ بارزة فيه في تجارة المخدِّرات؟
بتاريخ 25 تشرين الثاني 2020 حملت وسائل الإعلام خبر اعتقال الشرطة البرازيلية تاجر مخدرات لبناني يدعى أسعد خليل كيوان، هو نفسه مسؤول التيار في أميركا الجنوبية، والحاصل على الجنسية البرازيلية.
جرى اعتقال أسعد كيوان في مدينة سان باولو، مع آخرين، ضمن عملية مشتركة للشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة المخدرات وغسيل الأموال، ويشتبه بأنه متورط مع منظمة إجرامية ناشطة بالتهريب الى أوروبا عبر الموانئ البرازيلية، وضُبط في حوزته 50 طناً من الكوكايين وأسلحة و75 مليون دولار.
وكانت البراغواي قد طردت كيوان عام 2009 لتورّطه بمحاولة قتل عضو مجلس الشيوخ السابق والنائب الحاليRoberto Acevedo وقتل اثنين من حرّاسه، أصيب خلالها النائب برصاصتين غير قاتلتين، أما في البرازيل، فكيوان هو واحد من أهم 66 مطلوباً للعدالة.
بتاريخ 25 تشرين الثاني 2020 حملت وسائل الإعلام خبر اعتقال الشرطة البرازيلية تاجر مخدرات لبناني يدعى أسعد خليل كيوان، هو نفسه مسؤول التيار في أميركا الجنوبية، والحاصل على الجنسية البرازيلية
واقعة التلبّس الثانية كشفتها وسائل الإعلام بتاريخ 11 كانون الثاني 2021 عندما نشرت خبراً تضمّن أن الشرطة الكندية في مدينة وندسور الكندية ضبطت شبكة تهريب مخدرات “على مستوى عالٍ” في عدادها جوزف عون الذي شغل سابقاً رئيس مركز التيار الوطني الحر في وندسور، وبحوزة أعضاء من عائلته كميات كبيرة من الكوكايين ومواد الأفيون وأسلحة نارية غير مرخّصة، وقدّرت الشرطة الكندية القيمة الإجمالية للمضبوطات بأكثر من 995 ألف دولار.
أسفر التحقيق الذي دام 10 أشهر لدى الشرطة ووكالة خدمات الحدود الكندية عن توجيه تهم إلى سبعة أشخاص: خمسة رجال وامرأتين، بينهم أربعة لبنانيين منهم إيلي عون، 35 عاماً، ووالده جوزف عون ووالدته نهاد عون.
وجّهت السلطات الكندية إلى الابن (إيلي) ثلاث تهم بحيازة مخدرات لغرض الاتجار، وحيازة القنّب لأغراض التوزيع والبيع، وثلاث تهم بحيازة سلاح ناري بشكلٍ غير قانوني، وأدانت المحكمة والد ايلي، جوزيف عون، 62 عاماً، وزوجته نهاد، 64 عاماً، بثلاث تهم تتعلق بحيازة أسلحة نارية محظورة.
مرّ خبر تورّط عناصر تنتمي إلى التيار الوطني الحرّ في تهريب المخدِّرات مروراً خجولاً، ولم يحظ هذا التطوّر الخطر بتعليقات سياسية، كما لم يصدر نفيٌ من التيار لحقيقة انتماء هؤلاء إلى صفوفه وارتكابهم لهذه الجرائم.
أسفر التحقيق الذي دام 10 أشهر لدى الشرطة ووكالة خدمات الحدود الكندية عن توجيه تهم إلى سبعة أشخاص: خمسة رجال وامرأتين، بينهم أربعة لبنانيين منهم إيلي عون، 35 عاماً، ووالده جوزف عون ووالدته نهاد عون
أسئلة كثرة تفرض نفسها لدى مطالعة هذه الأخبار، وهي أسئلة مُحرجة من المرجّح أن تتجاهلها قيادة التيار الوطني الحرّ تجنّباً لفتح الملف وتوسّع انتشار المعلومات الغائبة حتى الآن عن المشهد، ومن هذه الأسئلة:
– ما هو مدى عِلم قيادة التيار الوطني الحرّ بحقيقة الأنشطة التي يقوم بها هؤلاء؟ وهل هذا العِلم يشبه معرفتها بنشاط العميد العميل فايز كرم؟ الذي رغم إدانته الفاضحة بالعمالة للعدوّ الإسرائيلي، إلاّ أنّه حظي برعاية الرئيس ميشال عون ومن النائب جبران باسيل التي أخرجته من السجن بحكم سنتين في قضية كانت تستوجب عقاباً أشدّ بكثير نظراً لخطورتها وانكشاف تداعياتها، وخاصة على الأمن الوطني.
– هل عِلمُ قيادة التيار الوطني الحرّ بنشاط أسعد كيوان في البرازيل وعائلة جوزيف عون في كندا، يشبه علمها بحقيقة دخول العميل عامر الفاخوري إلى لبنان وما كان قد نسجه من علاقات في الداخل، وما كشفته قضيته من حقائق التواطؤ والتحضير للعفو عن العملاء؟ وهل تختلف تغطية العمالة عن تغطية التجارة المحرّمة؟
– كيف أصبح هؤلاء “التياريون” جزءًا من الشبكات الدولية لتهريب المخدِّرات، وكيف كانوا يمارسون أنشطتهم وهم في صفوف “التيار”، وهل كانوا وحدهم في هذه الأنشطة، أم أنّ هناك من يحاول سلوك طريق حلفائه في اعتماد هذا السبيل للتمويل والتوسع؟
– وأخيراً: لماذا صمتت قيادة التيار الوطني الحرّ وإعلامُه عن هذه المسائل الخطرة التي تمسّ بالسُّمعة وتضيف إلى دواعي العقوبات على رئيسه النائب جبران باسيل عوامل شكٍّ إضافية تكاد تتحوّل إلى حقائق إذا جرى تجاهلها كما حصل حتّى الآن؟