كتب عبدالله بن بجاد العتيبي في” الشرق الاوسط”: المتابع لمحادثات فيينا بين دول الاتفاق النووي السابق والنظام الإيراني يخطر بباله أن التاريخ يعيد نفسه، ومن يرتكب نفس الأخطاء ويتوقع نتائج مختلفة إنما يخدع نفسه، والتاريخ لا يعيد نفسه أبداً، ولكنه يخادع الخاضعين من تستولي عليهم فكرة «القابلية للخديعة».
الاتفاق النووي السابق كان فاشلاً فشلاً ذريعاً ولذلك الفشل مسببات منطقية وواقعية، وأياً كانت نتائج محادثات فيينا فهي ستعيد تجريب المجرب وتكرير الخطأ مرتين، كانت واحدةً من أهم أسباب فشل الاتفاق السابق أنه استبعد دول الخليج العربي تماماً في المفاوضات والتوقيع والإعلان وهو ما يتكرر اليوم في فيينا والنتيجة لن تكون مختلفة بالتأكيد.
من يراقب المحادثات وتفاصيلها في الأخبار لا يملك إلا أن يقارن بين ما كان قبل بضعة أشهرٍ حينما كان النظام الإيراني خائفاً ومتضرراً من العقوبات الأميركية القاسية وبين ما يجري اليوم، فالدلال الغربي لإيران وصل مستوياتٍ مكشوفةٍ والنظام الإيراني يستغل ذلك بشيء من التبجح، فهل يصدق أحد أن النظام الإيراني كان يستطيع التصريح ببلوغ تخصيب اليورانيوم مستويات الستين في المئة قبل أشهرٍ فقط؟ الواقع لا أحد، ولكن هذا التساؤل يفتح باب المقارنة ويضع النقاط على الحروف لمعرفة حجم الاندفاع الغربي نحو أي اتفاقٍ بأي شكلٍ مع إيران.
الرسائل التي تبعثها محادثات فيينا هي أنك إن كنت نظاماً سياسياً مارقاً فستقع عليك عقوباتٌ دوليةٌ فإن أصررت على ذلك المروق وزدت فيه ونشرت المزيد من الشرور فإن الدول الكبرى والمؤسسات الدولية ستتفاوض معك فإن ازددت في نفس التوجه فستقدم لك التنازلات وترفع عن العقوبات وتحظى بالدلال.
وفي هذا السياق فسيكتشف العالم سريعاً وبمجرد رفع بعض العقوبات عن إيران أن الإرهاب لم ينته وأنه قادرٌ على العودة بأشكالٍ ومسميات متعددة ما دام الداعم موجوداً ومصراً على سلوكه واستراتيجياته وسياساته وهو يعلم أنها ستمرّ جميعاً دون عقابٍ وسيدفع الكثيرون ثمن التخاذل والانسحاب غير محسوب العواقب من العالم.
وستنتعش الأصولية في الغرب برعاية الدولة نفسها وستتسبب بمشكلات لا حصر لها للدول التي تدافع عنها وتحسب أن شرور هذه الجماعات ستقتصر على الدول العربية والدول المسلمة ولن تطال تلك الدول، وغض الطرف هنا ستكون له عواقب وخيمة في المستقبل، والتساهل مع المرض يحيله طاعوناً.