لا جديد حكومياً، فالاتصالات معلقة ولعبة عض الأصابع مستمرة بين محوري “بعبدا ـ ميرنا الشالوحي” و”بيت الوسط”، لا بل المواقف التصعيدية التي أطلقها مؤخرا رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عقدت الأمور أكثر.
الأنظار تتجه إلى الزيارة التي سيقوم بها باسيل في 29 الجاري إلى موسكو علّها تفتح كوة في جدار أزمة التأليف، وتقرّب وجهات النظر مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، علما ان موقف روسيا واضح في ما يتعلق بدعم حكومة اختصاصيين ومن دون ثلث معطل لأي طرف برئاسة الحريري.
لا يعوّل كثيرا على هذه الزيارة لجهة إمكانية ان تساهم بحلحلة ما تؤدي إلى تقريب وجهات النظر والتسريع بتأليف حكومة، فلا المبادرة الفرنسية والتهديد بعقوبات أوروبية ولا محاولات الرئيس نبيه بري نجحت بذلك.
ومن الواضح ان العقدة ليست داخلية بحتة والقصة مش “رمانة”، فلبنان ليس جزيرة معزولة، ولطالما كان على مر السنين صندوق بريد لايصال الرسائل بين القوى الإقليمية والدولية.
رفع الدعم
في الوقت الذي يُمكن القول فيه ان الملف الحكومي مجمّد حتى إشعار آخر، الوضع المالي والاقتصادي مستمر في الانهيار وثمة تحذيرات من ان يسوء أكثر فأكثر، كان لافتا ما قاله الرئيس نبيه بري أمام وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل خلال زيارته إلى لبنان من ان “الوضع خطير جدا، ولم يعد لدينا مزيد من الوقت، فلقد ابلغنا حاكم مصرف لبنان انّ كل ما يتبقّى لنا بالكاد شهر واحد“.
فمسألة رفع الدعم عن السلع الأساسية دخلت مرحلة العدّ العكسي، والعمل جارٍ على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون البطاقة التمويلية الذي ستستفيد منه 750 ألف عائلة بمبلغ مليون و330 ألف ليرة شهرياً.
وموعد رفع الدعم من المتوقع ان يكون بعد عطلة عيد الفطر أي في شهر أيار المقبل، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني الأمر الذي قد يتسبّب بتهاوي قيمة البطاقة التمويلية وخفض قدرتها الشرائية.
الخوف يكبر من حصول تدهور في الأوضاع بعد شهر رمضان الأمر الذي قد يؤدي لانفجار اجتماعي لا تُحمد عقباه، وهذا ما حذرت منه جهات دبلوماسية عديدة.
وعُلم ان الجيش والقوى الأمنية تتحضر لمواجهة الأسوأ، فمع رفع الدعم والزيادة الجنونية المتوقعة بالأسعار ثمة احتمالات بعودة التظاهرات مجدداً إلى الشارع وإمكانية حصول إشكالات وتعديات على الأملاك العامة والخاصة وهذا ما سيسعى الجيش والقوى الأمنية إلى تداركه ومنع حصوله وحفظ الأمن على الرغم من ان هذه القوى مُنهكة وعناصرها تُعاني من الأوضاع الاقتصادية مثلها مثل كل اللبنانيين.
منصة مصرف لبنان
على خطٍ آخر، كان من المفترض ان يُعلن مصرف لبنان إطلاق العمل بالمنصة الالكترونية أمس الإثنين، الا ان الأمر تأجل من جديد لأسباب تقنية، كما أفيد.
وتردد ان مصرف لبنان سيضخ نحو 3 مليار دولار في السوق لضبط سعر الصرف، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض سعر الدولار ليلامس الـ 10 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد.
الا ان خبراء اقتصاديين يعتبرون ان بدء العمل بالمنصة لن يغيّر كثيرا الوضع، مشيرين إلى ان الدولار سيبقى على سعره الحالي اي 12 ألف ليرة ولكن في حال لم تحصل مفاجآت سيكون هناك نوع من الاستقرار في السوق المالي.
إذا تشكيل الحكومة مطلب ملح لأن من شأنه تخفيض سعر الدولار وسيفتح باب التفاوض مع صندوق النقد الدولي على ان يترافق الأمر مع خطة إصلاحية شاملة ومتكاملة تُعيد البلاد إلى السكة الصحيحة وتنتشله من القعر، فهل سيتحقق الأمر قريباً؟ ليس على اللبناني سوى الانتظار، فاما الانفراج أو الانفجار في أيار.