لم يعد خفياً على أحد أنّ “تفاهم مار مخايل” بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” أصيب بالعديد من الندوب واللكمات في الآونة الأخيرة، ولا سيما مع “حرب البيانات” العنيفة التي اندلعت بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و”حليف الحليف” رئيس مجلس النواب نبيه برّي، على خلفية الأزمة الحكومية القائمة ومبادرة برّي لعب دور الوسيط بين عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، والتي لم يكتب لها النجاح حتّى الآن.
وعلى وقع هذا الخلاف لم يتوانَ “التيار” بلسان “صقوره” وقيادييه ونوابه عن توجيه الانتقادت العلنية لـ”حزب الله” بأنّه يقف إلى جانب برّي مراعاة للوضع الداخلي في البيئة الشيعية وهو لا يقف مع حليفه الذي وقف معه في مختلف الأحداث المفصلية التي مرّت بها البلاد ولا سيما “حرب تموز 2006”.
وصل الجانبان إلى قناعة أنّ “تفاهم مار مخايل” لم يعد الإبقاء عليه كما كان وهو يحتاج لإعادة نظر إمّا لتعديله أو إعادة صياغته أوّ حتّى تعليقه، إذ أنّه، وكما يقول العونيون، كانت سلبياته أكثر من إيجابياته وهو لم يساهم في بناء الدولة التي كان يطمح إلى العماد عون يوم توقيعه.
وعلى الرغم من أنّه لم يقدم أيّ طرف على الإعلان عن “الطلاق السياسي” بينهما وإسقاط الاتفاق، فإنّ بوادر سقوطه قد تتجلّى في الانتخابات النيابية المقبلة، إذ يبدو أنّ “الطلاق الانتخابي” أصبح واقعاً بين “التيار” و”حزب الله”.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ “التيار” و”حزب الله” لم يخوضا الانتخابات النيابية الأخيرة على لوائح واحدة في مختلف المناطق، بل شهد عدد من الدوائر منافسة بينهما حيث كان “حزب الله” يعطي الأولوية للتحالف مع برّي على “التيار” لحسابات مرتبطة بالبيئة الشيعية.
مصادر في “التيار الوطني الحر” تكشف لـ”لبنان 24″ عن وجود وجهتَيْ نظر داخل القاعدة الشعبية لـ”التيار” بما خصّ موضوع الانتخابات النيابية: الأولى، أن يخوض “التيار” الانتخابات منفرداً بلوائح يشكّلها هو من دون أي تحالف وعلى امتداد الوطن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. والثانية، أن يخوض “التيار” الانتخابات مع أطراف من “الثورة” يمكن التفاهم معهم على برنامج مشترك. ورداً على سؤال حول ما إذا أمكن القول أنّ “الطلاق الانتخابي” قد وقع فعلاً بين “التيار” و”حزب الله”، تجيب المصادر بأنّه “من يريد أن يتحالف معنا فأهلاً وسهلاً به ولكن على أساس برنامج واضح وصريح يضع قطار بناء الدولة على السكة الصحيحة لناحية الإصلاح ومحاربة الفساد ومعالجة قضايا الناس ولقمة عيشهم، بغض النظر عن الأمور السياسية أو الاستراتيجية لأنّ الأولوية اليوم في ظلّ هذه الأزمة هي لشؤون الناس الحياتية”. في المحصّلة، حدّد “التيار” معاييره الانتخابية للحليف قبل الخصم هذه المرة، وهو يؤكّد أنّ “زمن السكوت عن المسايرة قد ولّى” وهو سيستمرّ بمعركته “ولو بقي وحيداً ومن يريد خوضها معه من دون مسايرات وحسابات فأهلاً وسهلاً ومرحباً به”.