بقساوة مرور الأعوام في ظل الأوضاع الاقتصادية المنهكة، لعل “رمضان” هذا العام سيكون الأصعب على اللبنانيين. ستزداد اوجاعهم على وتيرة سعر صرف السوق الموازية، وأزمة المحروقات العالمية والمحلية بطبيعة الحال، وعلى وقع ازمة غذائية مستوردة من غزو أوكرانيا، وأخرى مفتعلة بجشع تجار، ستجعل “جاط” الفتوش الاغلى لهذا العام، أمّا اللحمة والدجاج فلمن استطاع اليها.
وكأن بلسان حال كل اللبنانيين يقولون “إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، عبارة قالها مواطن في إحدى السوبرماركت وهو يتبضع تحضيراً للشهر الفضيل، وتكاد تلخص معاناة العدد الأكبر من الاسر اللبنانية التي ترزح تحت وطأة ازمة اقتصادية حادة، تجعل الفقر يحاصر العائلات في موائد افطاراتها بجيوب خاوية وأسواق مرتهنة للتجار.
من أسعار الخضار والمواد الغذائية الأساسية، الى اللحمة والدجاج والسمك، اللائحة واحدة و”الأسعار نار”. وحتماً صحن الفتوش سيكون الاغلى لهذا العام، حيث يصل سعر كيلو الخيار والبندورة من 30 الى 35 الف ليرة، وربطة البقدونس 8000 ليرة والفجل بـ7000 ليرة و”الخسة” بـ15 الف ليرة. أمّا بالنسبة الى أسعار اللحوم وعلى الرغم من انّ بعض العائلات عمدت الى تخزين ما استطاعت من هذه المادة الاساسية على مائدة الافطار تخوفا من غلاء اسعارها في بداية رمضان الا ان الاسعار الحالية ايضا ليست مقبولة مع امكاناتهم المادية وخصوصا للعائلات الكبيرة.
أسعار اللحوم
فهل سنشهد ارتفاعا بأسعارها تزامنا مع بداية الشهر الفضيل وخصوصا ان تأخيرا حصل بقدوم البواخر التي تستورد اللحوم وهذا ما أكده أمين سر نقابة تجار اللحوم في لبنان، خليل نعمة؟ يشير نعمة في حديث لـ”لبنان “24 الى أن المشكلة على مستوى قطاع اللحوم كانت بتأخر وصول بواخر اللحم المستورد خلال اليومين الاخيرين، ولكن ثمة حلحلة على هذا الصعيد حيث من المفترض ان تصل البواخر وتبدأ بتفريغ حمولتها .
ويؤكد نعمة عدم وجود علاقة لغلاء اسعار اللحمة بقدوم شهر رمضان “فالغلاء طال القطاع قبل اسبوعين ومن المفترض ان تبقى التسعيرة الحالية على حالها، لذا نطمئن المواطنين بأن اسعار اللحمة ستبقى على حالها على الرغم من انها ارتفعت مؤخرا بزيادة 20 الى 25 بالمئة”.
بالنسبة الى نعمة “فنحن امام سوق منافس من حيث اسعار المحروقات وازمة اوكرانيا اضافة الى تبدلات سعر الصرف في السوق الموازية”، ويؤكد: “تراجع سوق اللحوم بنسبة 80 الى 85 بالمئة في الاشهر الاخيرة، لذلك لسنا من هواة رفع الاسعار كما يتهمنا البعض، بل على العكس نحن نريد البيع واي غلاء سينعكس على القدرة الشرائية وضرب القطاع، ولكن ماذا نفعل بالدولار”.
وحاليا يباع كيلو اللحمة ما بين 250 الف الى 270 الف ليرة، وفي بعض المحلات قد يصل الى 300 الف ليرة، ولا يتوقع نعمة زيادات اضافية على هذه الاسعار “أقله في هذه الفترة”.
المواد الغذائية
لا تتوقف الازمة عند اسعار الدجاج واللحوم والخضار، بل تتعادها ايضا على مستوى المواد الغذائية، وفي هذا الاطار يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في حديث لـ”لبنان “24 اننا في وضع استثنائي نظرا للوضع العالمي وهو ما ينعكس على كل القطاعات، مطمئنا اللبنانيين ان الاسعار لن ترتفع كما يخشى المواطن في شهر رمضان.
ويتابع بحصلي: “هذا عموما، ولكن ذلك لا يعني انّ الأسعار في رمضان سترتفع كما يشاع، فأساسا شهدنا على أسعار مرتفعة خلال الأسبوعين الأخيرين. ونحنا دائما نطالب بتثبيت سعر الصرف كي لا يبقى المواطن ضحية لتبدلات الأسعار”.
امّا عن احتمال فقدان بعض المواد الغذائية، يقول بحصلي: “كل ما يُقال ويُشاع عن مجاعة في لبنان هو مجرد احاديث لا صلة لها بالواقع. كان هناك مشكلة في الزيوت قبل فترة، ولكنها اليوم موجودة على الرفوف في السوبرماركت، ولكن لا طلب عليها لسبب رئيسي وهو أنّ الناس تهافتوا الى تخزينها عندما بدأ الحديث عن إمكانية فقدانها”.
اذا، الزيادة اصلاً موجودة، ويبقى أنّ كل تاجر يضع تسعيرات مختلفة متفاوتة، على الرغم من محاضر الضبط التي تجريها وزارة الاقتصاد بحق المخالفين، ولكن لا إطار لضبط تفلت أسعار الدولار بين سوق موازية و”صيرفة”. فبأي حال سيستقبل اللبنانيون رمضان هذا العام، وأي حجم للمعاناة ستتضاعف على كل الاسر؟ لعلّه رمضان الأصعب على لبنان وشعبه.