يواجه المعارضون داخل مجلس النواب ضغوطا كبيرة من الرأي العام ، على اعتبار انهم ينقسمون في ما بينهم ولا يستطيعون القيام بدورهم بفاعلية داخل النظام اللبناني بسبب تشتتهم، حتى ان توحدهم داخل كتلة او اكثر هو توحّد شكلي لانه لا يشمل كل القضايا الاساسية والوطنية. وقد تكون هذه الضغوط السبب الاساسي الذي يمنع انفراط عقد “كتلة نواب التغيير” او حتى “لقاء الثلثاء النيابي”.
أحد التبريرات المنطقية لعدم توحّد المعارضين يقول إن المعارضين الحقيقيين لا يشكلون كتلة كبيرة وهم غير قادرين على التأثير الفعلي على القرار السياسي العام في المجلس النيابي ولا على توازنات التصويت داخله، وعليه فإن هامش التمايز بين النواب التغييريين يبقى متاحا ولا يؤدي الى تضييع فرص حقيقية.
لكن ، وبالرغم من ان هذا التبرير يبدو واقعيا، الا ان الاستحقاق الرئاسي يفرض نوعا اخر من الحسابات على قوى التغيير او الاصح على المعارضين، لان الحسابات داخل المجلس النيابي قد لا تكون مرتبطة بقلب التوازنات او ايصال رئيس ينتمي الى المعارضة بل مرتبطة بإمكان التعطيل ومنع هذا الفريق او ذاك من ايصال مرشحه الصريح الى بعبدا.
من هنا بدأ النقاش الحقيقي بين نواب كتلة التغيير بشأن امكانية مقاطعة جلسات مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في حال لم تكن حظوظ اي شخصية سيادية او تغييرية هي الراجحة، اذ إن مقاطعة هؤلاء النواب ستكون العامل الاساسي في تطيير النصاب في ظل التوجه شبه الحاسم ل”القوات اللبنانية” و” حزب الكتائب” وبعض النواب المستقلين للمقاطعة ايضا. وبحسب مصادر مطلعة فإن مساعي جدية تحصل لجمع عدد لا بأس به من نواب التغيير والمعارضة لتكوين ما يشبه تكتلا نيابيا ينسق اعضاؤه في ما بينهم بشأن الاستحقاق الرئاسي، اذ ان الهدف الاولي المطروح حاليا هو ان يتخطى عدد هؤلاء النواب عتبة العشرين نائبا ليكونوا قادرين على فرض شروطهم من خلال التفاوض مع الافرقاء الاخرين. وترى المصادر ان المساعي اليوم هي لتخطي مسألة الخلاف على اسم الرئيس، بمعنى عدم الوقوف عند فكرة توحيد التسمية، اذ من المتوقع الا يختار هذا التكتل اسما ويتبناه ليكون مرشحه الرسمي للرئاسة وذلك لتجنب الانشقاقات، بل سيكون هناك موقف موحد من المسار الذي يجب ان يتخذه الاستحقاق الرئاسي، ومن السلوك السياسي الذي سيقوم به هؤلاء النواب اضافة الى مواصفات عامة لشخصية الرئيس.
لا يطمح المعارضون في المجلس النيابي لايصال رئيس من بين صفوفهم بالكامل، لكنهم يسعون لكي يساهموا في “صناعة” هذا الرئيس مثلهم مثل الكتل المسيحية الكبرى، كتكتل “لبنان القوي” وكتلة “الجمهورية القوية” وهذا بحد ذاته انجاز كامل الاوصاف يمكن البناء عليه في السنوات المقبلة في اطار مراكمة المكتسبات السياسية..