عندما جلس الرئيس فؤاد السنيورة على كرسي رئاسة الحكومة عام 2005 لم يكن بصفته زعيماً سنياً وطنياً عابراً للطوائف والمناطق، بل لأن الرئيس سعد الحريري وبصفته رئيساً لأكبر كتلة نيابية في المجلس وزعيماً سنياً وطنياً بقرار شعبي صرف آنذاك، اختاره لأداء المهمة الوطنية الكبيرة، فهل يتمخض عن لقاء دار الفتوى للنواب السنَّة زعيم سني وطني كاللذين ولدا عامَيْ 1992 و2005؟
تلقى النواب السُنَّة الـ 27 دعوة للإجتماع في دار الفتوى تحت رعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وبمباركة من السفير السعودي وليد بخاري للتباحث حول شؤون سنية ووطنية تتناول الدور السني والوطني في القضايا والاستحقاقات المقبلة خاصة انتخاب رئيس الجمهورية وما سيليه من اختيار لرئيس الحكومة، والأهم من كل ذلك مناقشة سبل حماية اتفاق الطائف الذي يرعى أسس المناصفة والتوافق الوطني والعيش المشترك، وفي السياق أكد 24 نائباً حضورهم اللقاء السني في الدار.
لا شك أن هذا الاجتماع تكمن أهميته في أنه يعمل على جمع نواب الطائفة حول كلمة سواء على اعتبار أنهم يشكلون مجموعات متعددة ولا ينتمون إلى كتل نيابية موحدة باستثناء تكتل “الاعتدال الوطني” الذي يضم 5 من نواب عكار والمنية والضنية إضافة إلى نائب علوي، وهم بلا شك تجمعهم روحية إن لم نقل الولاء المطلق لخيارات الرئيس سعد الحريري، فهم حتماً يتفقون ويلتقون معه حول مختلف القضايا الوطنية.
وكانت محاولات عديدة قام بها النائب أشرف ريفي لتجميع عدد من النواب في كتلة نيابية موحدة لكنه لم يفلح في ذلك، كذلك فعل النائب فؤاد مخزومي الذي لم يستطع الفوز بأكثر من مقعده النيابي حتى التقى مع ريفي وميشال معوض وأديب عبد المسيح في كتلة “التجدد” النيابية، إلا أن المشكلة التي تبقى مشتعلة تحت رماد لقاء كل من ريفي ومخزومي هي أنهما طامحان الى رئاسة الحكومة فمن منهما سيتنازل للآخر؟
يمكن تقسيم نواب الطائفة السنية إلى مجموعات نيابية عدة منها ما يجتمع حول الاختلاف العمودي مع الحريرية السياسية كالنائب حسن مراد ونواب جمعية “المشاريع” وغيرهم، ومنها ما يعرف بـ “سُنَّة حزب الله” كالنائبين ينال الصلح وملحم الحجيري وحلفائهما، ومنها ما يكنُّ العداء المعلن للرئيس سعد الحريري كالنائبين ريفي ومخزومي، ومنها وعلى الرغم من تواجدها في قوى التغيير إلا أن ما يجمع بينها هو الاختلاف في وجهات النظر فقط كالنواب وضاح الصادق، حليمة قعقور وابراهيم منيمنة، ونواب آخرون يعتمدون خيار التمايز عن زملائهم ورفض الانضمام إلى ما يعتبرونها كتلاً طائفية كالنائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، وآخر يغرّد خارج السرب السياسي الذي ينتمي إليه هو النائب جهاد الصمد.
وحدها كتلة “الاعتدال الوطني” تدين بالولاء إلى خط الحريرية السياسية التي وإن غابت عن الاستحقاقات الوطنية إلا أن ملائكتها حاضرة أو تستحضر في سبيل إما تحميلها مسؤولية فشل سياسي ما أو استذكار أدائها الوطني لمختلف القضايا.
يرى مراقبون أن أهمية اجتماع نواب الطائفة السنية أنه يحصل تحت عباءة المفتي راعي الشؤون الدينية للطائفة على غرار باقي الطوائف التي تجتمع مجالسها الدينية للرعاية والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة بعد غياب كتلة “تيار المستقبل” ذات التمثيل السني الأوسع بحيث كان يتم التشاور مع الرئيس سعد الحريري كممثل سياسي للطائفة.
في حين يخشى مراقبون آخرون أن تقتصر خطوة الاجتماع على صورة تذكارية يجتمع فيها النواب الـ ٢٤ على اعتبار أن ما يفرقهم أكثر بكثير مما يجمعهم نظراً الى تعدد الآراء وتشعب القضايا التي تشغلهم بالاضافة إلى وجود عدد من الطامحين الى تولي رئاسة الحكومة ووجود صعوبة في تنازل أحدهم للآخر.
إذا كان الهدف من لقاء دار الفتوى للنواب السُنَّة الـ ٢٧ هو إيجاد مساحة مشتركة من التوافق في ما بينهم، فإن جلَّ ما سيتمخض عنه هو لقاء تشاوري لتبادل الأفكار والآراء والاستماع إلى طروحات سياسية للقضايا المطروحة على اعتبار أن الزعامة تستمد شرعيتها من الشعب لا من لقاءات تشاورية، فهل يصبح المفتي دريان زعيم المرحلة السياسية الانتقالية للطائفة السنية؟