تستمر النكبات والويلات الفلسطينية في لبنان، وتتراجع الأوضاع الانسانية والمعيشية العامة، ويعبث السلاح المتلفت وتجار المخدرات بحياة اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات، لتتحول حياتهم إلى جحيم، لم يعد يطاق، ما يعمم حالات اليأس والاحباط ويدفعهم ليكونوا عرضة لتجار ومافيات “قوارب الموت” والمخدرات والتزوير.
وهذا الجحيم يدفع اللاجئ الفلسطيني الجاهل إلى الانتحار والموت غرقا، أمام ضعف المعالجات وقصرها، وأمام تهرب المسؤوليات وعدم وعي االجهات المعنية لطبيعة المرحلة وضرورة إيجاد الحلول.
ويبدو أن حياة اللاجئ الفلسطيني في لبنان ستزداد مأساوية مع الأيام القادمة في ظل حالة الاهمال والحرمان والضياع والفوضى القائمة.
وأمام هذا الواقع المأساوي يقف اللاجئ الفلسطيني أمام خيارين إما الموت والانتحار وإما الاسراع من أجل العمل بشكل منظم وواع للبحث عن سبل التخلص من معاناته ووضع حد للانهيار المعيشي والسياسي والأمني الذي يتعرض له، لأن هذا الانهيار لم يعد يحتمل، والصمت وعدم إيجاد الحلول سيؤدي حتما إلى المزيد من الموت والغرق والجوع والحرمان والقهر والإذلال، والعمل من أجل وقف كل ذلك، هو مسؤولية النخب الثقافية والفكرية والسياسية غير الملوثة في صفوف الشعب ومسؤولية القوى السياسية والأطر النقابية والمنظمات الشعبية في حال كانت صادقة في تحمل مسؤولياتها وكان لديها القدرة في الدفاع عن حقوق هذا الشعب.
“قوارب الموت” لن تتسع للجميع، ولن يتمكن الجميع من الهجرة، فكثيرون هم الذين سيبقون دون القدرة على السفر ودون القدرة على تحمل هذه المعاناة، وبالتالي من حقهم العيش الكريم وتأمين حقوقهم المشروعة، وعلى الجهات المعنية مسؤولية إيجاد الحلول ووقف هذا النزف وهذا الموت انتحارا.
وحرصا على الأمن والاستقرار وتماسك الوضع العام داخل المخيمات، وحتى لا يكون الثمن غاليا، هناك ضرورة قصوى لتحرك القوى والجهات المعنية بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لتدارك الأمور قبل الانفجار الحتمي، ليس لأن هناك أطراف تدفع لذلك وليس لأن أحدا يرغب بذلك ، بل لإن طبيعة المرحلة تدفع إلى هذا الانفجار الحتمي، وعدم إدراك هذه المخاطر يجعل الجميع أمام فوهة البركان، وعين العاصفة.
فالأوضاع لم تعد تحتمل والشعب لم يعد باستطاعته تحمل هذا الجحيم، ولم يعد في مقدوره الصبر عبثا، وبالتالي لابد من حلول، حتى لا يتفجر البركان بشكل عبثي وفوضوي لا يستفيد منها إلا العدو.
فبيانات العزاء وخطابات واجتماعات الاستنكار لا تكفي وليست طريقا للحل، بل إن الأمر يحتاج لأكثر من ذلك، أولا هناك ضرورة لتحديد المسؤوليات وتحديد آفاق الحلول والمعالجات، وربط ما يجري في البحار وقوارب الموت والمخدرات بالوضع الفلسطيني البائس في لبنان تحديدا، ويحتاج لتقييم وحلقات نقاش وحوار بين المفكرين والمخلصين أصحاب القدرات لوضع الدراسات والاقتراحات، وتشكيل روابط وأطر تعمل مخلصة لدفع اللاجئين الفلسطينيين لرفع مستوى وعيهم وتنظيم صفوفهم من أجل الدفاع عن حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها حقهم في العيش الكريم بعيدا عن حالات اليأس والاحباط والضياع التي انتشرت خلال السنوات الماضية وعممت الارهاب والمخدرات والسلاح المتلفت.