لم يكن كثيرون يتوقعون ان تعود سوريا بهذه السرعة الى جامعة الدول العربية. وما قاله رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مقابلته الاخيرة من ان اقصى ما قد تحصل عليه دمشق هو مشاركة بصفة مراقب في القمة العربية المرتقبة في الرياض،كان هو الرأي السائد في مختلف التحليلات الجدية لتطور العلاقات السعودية العربية.
لكن التسارع الدائم وغير المتوقع في السياسة السعودية، ان كان في مصالحتها وعلاقتها مع ايران او في تطبيعها الكامل مع سوريا، اعاد خلط الاوراق، وجعل المنطقة تنتقل بسرعة قياسية نحو تسويات شاملة تفرض على كل اللاعبين التعامل معها كأمر واقع والتعايش مع تداعياتها التي لن تكون بسيطة.على الصعيد اللبناني، يصبح التأثر بما يحصل من تطورات اقليمية امرا محسوما لا يمكن تجاوزه، فكما ان التطورات السلبية تفرض نفسها داخليا فإن الإيجابيات تنعكس ايضا على المسار السياسي الداخلي، فكيف اذا كان هذا التطور يحصل بين دولتين مؤثرتين بشكل قياسي في لبنان، سوريا والسعودية.بالرغم من عودة الاهتمام السعودي الى لبنان، وبالرغم من عدم رغبة الرياض خسارة حضورها فيه، الا ان انخراط المملكة بالتفاصيل المملة لبنانيا لم يعد امراً وارداً، فهالهموم الاقتصادية والأهداف التنموية باتت اولوية قياسية لدى الدولة السعودية، وهذا يعني ان التمييز في ساحات المنطقة لم يعد ممكنا، والا ما كانت سياسة صفر مشاكل هي المسيطرة على الاستراتيجية السعودية حاليا.تريد الرياض احتواء دمشق ولا تمانع ان يكون لها دور وازن في لبنان، وهذا ما قد تتقاطع فيه مع ايران، لذلك فإن الحضور السوري سينمو مجددا بشكل تلقائي ضمن اطار توافقي ما سيؤدي الى انعكاسات واضحة على الاستحقاقات الدستورية وعلى الادارة اليومية للحياة السياسية.لكن بعيدا عن الجانب السياسي، وبالتوازي مع الحديث المتزايد عن اعادة اعمار سوريا، بات محسوما ان لبنان سيصبح منصة انطلاق جدية في المشروع الامر الذي سيكون له عائدات هائلة على الاقتصاد اللبناني من دون اي ممانعة اقليمية او دولية.يقول كثر ان الاتفاق السوري السعودي ستكون له تأثيرات على لبنان اكثر من الاتفاق الايراني السعودي بالرغم من ان الاتفاق الثاني اكثر عمقا واستراتيجية من الاتفاق الاول، لكن الجغرافيا والظروف المحيطة تفرض نفسها بشكل لا يمكن تجاوزه.