إقتصاد
بعد تراجع الدولار بالسوق السوداء.. المصريون يسألون: متى تنخفض الأسعار؟
04-03-2024 | 07:07
photos 0
بعد نحو أسبوع من إعلان الحكومة المصرية إبرام صفقة كبرى مع جهات إماراتية لتطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر الأبيض، تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية بشدة وبشكل سريع للغاية، لكن المصريين مازالوا يتساءلون عن موعد انخفاض مقابل في أسعار السلع التي لطالما ارتبط ارتفاع أسعارها بارتفاع العملة الأميركية.
وبعد أن بلغ سعر الدولار الواحد نحو 73 جنيها في نهاية يناير الماضي، بدأ في الانخفاض منذ إعلان الحكومة المصرية في 23 شباط عن مشروع تنمية “رأس الحكمة”، في صفقة من شأنها أن تمنح خزينة الدولة نحو 35 مليار دولار في غضون شهرين، بإجمالي 150 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية.
ووصل الدولار، الأحد، إلى ما بين 38 إلى 42 جنيها في السوق الموازية، في حين لا يزال سعره الرسمي الذي يحدده البنك المركزي حوالي 31 جنيها، مع استمرار التوقعات بتعويم جديد (خفض لقيمة الجنيه).
“سياسة التهويل والترويع”
ويتفق الخبراء على أن الارتفاع الكبير الذي حدث في النصف الثاني من شهر يناير في سعر الدولار ثم الانخفاض الكبير في سعر السوق الموازية حاليا “ليس له أسباب منطقية”.
ويقول الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب إن “كل ما يقال عن سبب وصول سعر الدولار في السوق الموازية إلى 70 جنيها ثم انخفاضه إلى نحو 40 جنيها أسباب تحليلية”.
ويوضح في حديثه لموقع “الحرة” أن “كثيرا من المحللين يعزون ذلك إلى الإعلان عن صفقة رأس الحكمة التي ستوفر مليارات الدولارات للحكومة المصرية، وذلك رغم أن الأموال دخلت خزينة الدولة قبل أيام، ثم بدأ الدولار في التراجع منذ الإعلان عنها”.
يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس في أن ارتفاع سعر الدولار الكبير في الآونة الأخيرة لم تكن له أسباب منطقية، لكنه يرى أن ما يجعله ينخفض مؤخرا هو اتخاذ الحكومة سياسة التهويل الإعلامي والترويع الأمني من خلال القبضة الأمنية.
ويوضح أن سياسة الترويع شملت القبض على تجار العملة الكبار وربما مشغلى تطبيقات تسعير العملة الصعبة في السوق الموازية، إذ تم إيقاف هذه التطبيقات مؤقتا قبل أن تعود للعمل مرة أخرى”.
وأشار إلى أنه “طالما هناك استمرار في سياسة التهويل والترويع، ستشهد السوق شللا في العرض والطلب، وعلى الحكومة هنا أن تستغل هذه الفرصة من خلال عرض محفزات للناس التي تحوز الدولار بطرح شهادات استثمار بعوائد جيدة، مثل 10 في المئة على سبيل المثال”.
ويقول إنه “من غير المنطقي أن تؤثر المليارات التي تم الحصول عليها في السوق بهذا الشكل أبدا، نحن نحتاج إلى 60 مليار دولار دفعة واحدة على الطاولة حتى نقول إن أزمة الدولار تم حلها لفترة من الوقت قد تمتد لثلاث سنوات”.
من الطبيعي أن العرض والطلب هما ما يحددان حركة السوق، لكن في مصر يضاف إلى ذلك عامل ثالث هو “التوقعات”، بحسب النحاس.
ويقول النحاس: “على سبيل المثال، راجت أكثر من مرة توقعات بأن الحكومة ستعلن عن تعويم جديد وشيك للجنيه، فيختفى العرض ويكثر الطلب على الدولار، ثم انتشرت التوقعات عن استقبال مصر 22 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة قبل فترة من الإعلان الرسمي عنها، مما أثر على العرض وتراجع الطلب على الدولار، بالإضافة إلى أخبار سلبية مثل التصنيفات الائتمانية التي انخفضت”.
ويوضح أن “هذه التوقعات تحدث خللا، فضلا عن إجراءات أخرى أثرت بالسلب مثل العقود الآجلة في ظل سوق غير متوازن وسعر صرف متقلب”.
ويضيف: “كل هذه العوامل أدت إلى المضاربة العنيفة التي بدأت من بداية يناير ورأينا ذروتها في نهاية نفس الشهر عندما وصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 73 جنيها مما أدى إلى ارتفاع بأسعار السلع بشكل غير مسبوق”.
ويرى أنه كان من المفترض أن تستفيد الحكومة من الشلل الحالي في سوق الصرف “لأنه لو لم تنجح الحكومة في جلب دولارات السوق السوداء والاقتصاد غير الرسمي وتلك التي يحتفظ بها البعض إلى لقطاع المصرفي الآن، ستندم أشد الندم مستقبلا وستكون هناك ارتدادة عكسية صعبة للغاية”.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني فيتش، الجمعة، إن الصفقة المصرية البالغ قيمتها 35 مليار دولار مع الإمارات لتطوير منطقة رأس الحكمة من شأنها أن تخفف ضغوط السيولة الخارجية وتسهل تعديل سعر الصرف.
وأضافت فيتش أن “مصر ستظل تواجه تحديات اقتصادية ومالية كبيرة تضع ضغوطا على وضعها الائتماني”، مبينة أنها “تتوقع تراجع التضخم في مصر على أساس سنوي في النصف الثاني من هذا العام، بسبب أساس المقارنة المرتفع”.
وأشارت الوكالة إلى أن “وضع الاقتصاد الكلي في مصر سيظل صعبا في العامين الماليين 2024 و2025 مع ارتفاع معدلات التضخم ونمو ضعيف نسبيا”.
هل ستنخفض الأسعار؟
يرى عبد المطلب أن “الارتفاع غير المنطقي لسعر الدولار انعكس على أسعار السلع أيضا من دون مبرر علمي لأنه من المعروف أن التجار والمستوردين يحصلون على تمويل وارداتهم من خلال البنك المركزي بالسعر الرسمي مع إضافة حوالي 20 في المئة، أي أن المستورد من المفترض أنه يحصل على الدولار بحوالي 37 جنيها، لكن ما حدث أن الأسعار ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 80 إلى 200 في المئة”.
لذلك يشير الخبير الاقتصادي إلى أن “الأسعار لن تنخفض في المجمل لأنها لم ترتفع لأسباب منطقية من الأساس، ولأن غالبية التجار لا يزال لديهم تخوف من ارتفاع سعر الدولار مرة أخرى لأن هذا ليست المرة الأولى التي يرتفع فيها سعر الدولار ثم ينخفض ثم يرتفع مرة أخرى، كما أن التجار ليس لديهم توقعات ولا اتجاهات بسعر الصرف في المستقبل”.
ويوضح أنه “في أغسطس 2023 ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء إلى ما يقرب من 45 جنيها ثم انخفض لدرجة أن الفرق بين سعره مع البنك بات محدودا كما هو حادث الآن، لكن بعد بضعة أشهر ارتفع الدولار مرة أخرى، ولذلك فإن التجار يحاولون أن يكون لديهم ما يسمى بـ”التحوط” بحيث يحسب سعر الدولار على السعر الذي سوف يستورد بها سلعة في المستقبل وليس على السعر الذي استورد به فعلا، ولذلك هو حسب سعر الدولار على 70 وفي بعض الأحيان 80 بل و100 جنيه”.
وأكد أنه “لن تنخفض الأسعار إلا عندما يكون هناك سوق واحدة لسعر صرف الدولار”.
أخبارنا عبر بريدك الالكتروني