كتبت سيسيليا ضومط في “الجمهورية”: لا شك أنّ ما يمرّ به لبنان على الصعيد الإجتماعي والإقتصادي، يضعنا جميعاً في خانة القلق والتوتر والشعور بعدم الأمان، فيدخل العديد منا إلى أسرّتهم قبل بزوغ الفجر، تاركين مشاهد قطع الطرق والسباب والتطرّف والتضارب، هذا عدا الإختناق جراء القنابل المسيلة للدموع وتخريب الشوارع والمحال في مدينة بيروت، والنبرة الطائفية التي ترتفع شيئاً فشيئاً على مرأى من الجميع.
تنظر إلى سعاد (45 عاماً) فيظهر لك التعب والإحباط جلياً، من نظراتها الباردة، إلى حركاتها البطيئة، وصولاً إلى خطواتها التي تكاد لا تنقلها من غرفة إلى أخرى في المنزل، “أنا مش ناقصني شي حمدالله، ولادي خارج البلد، وبيأمنولي معيشتي بشكل مريح، وفيني فل بس أنا قرّر، ومع كل هالشي، بشعر إني مش مبسوطة، وما إلي نفس أعمل شي، الوضع بالبلد بيحسسني بالإرهاق”.
تنعكس الأحداث في الشارع الداخلي شعوراً بعدم الإستقرار والأمان لدى الفرد، هذا بالإضافة إلى التخويف من خطر تزايد السرقات بسبب العوز والبؤس والفقر. “أعمل في شركة منذ عشرين عاماً، ولم أفكر يوماً بالبحث عن عمل في مكان آخر، ولم أُفاجأ عندما أطلعني مديري بأننا سوف نتقاضى نصف راتب ابتداء من الشهر المقبل، ومن المحتمل أن تُقفل الشركة أبوابها إذا استمر الوضع على ما هو عليه. لكن، ماذا بعد؟ كيف سأستطيع أن أؤمّن لقمة العيش لأولادي؟ والمؤسسات لا تستطيع أن تستمر بموظفيها؛ أصبحت أرضى بأي عمل يمكّنني من تأمين الحاجات الأساسية للعائلة”، يقول فادي، الذي لاحظ أنّه منذ تلقيه هذا الخبر، قَلَّت ساعات نومه، وزادت شهيته على الطعام. في المقابل: “بعد العشاء، أدخل كل عشر دقائق إلى المطبخ بحثاً عن شيء أتناوله، من الشوكولا إلى التشيبس، فالفاكهة والبوشار…”.
عندما نمرّ بأزمات، خصوصاً تلك التي لا نملك زمام التغيير فيها، نعاني القلق والخوف والتوتر، وشعوراً بعدم الأمان والإستقرار، ونصاب باضطرابات في النوم والشهية، وينعكس ذلك صراعات ومشكلات علائقية عائلية واجتماعية، وتصبح ردود فعلنا على فوهة بركان مستعد للإنفجار في كل لحظة.
في أحيان كثيرة، لا نمتلك القدرة على تغيير الواقع الذي نعيشه، ونقع ضحايا ضعفنا ومخاوفنا، فنفقد القدرة على المواجهة والإستمرارية على الصعيد النفسي والجسدي. من هنا بعض التوجيهات للحفاظ على الصحة النفسية بالرغم من عدم الإستقرار المحيط بنا:
1 – لا تُغرق نفسك طوال الوقت بمتابعة الأحداث، بل خذ وقتاً من الراحة، تستمع خلاله إلى الموسيقى أو تشاهد بعض الأفلام أو المسرحيات العاطفية أو الكوميدية.
2 – قم ببعض النشاطات الرياضية خلال اليوم لو لمدة نصف ساعة على الأقل.
3 – إجتمع مع الأصحاب والعائلة للتسلية والمرح.
4 – شارك في مساعدة المحتاجين من حولك ولو بأمور بسيطة، وليس بالضرورة أن تعطي من مالك، فقد تزور مريضاً أو مسناً أو طفلاً يتيماً، وسوف يمنحك ذلك شعوراً بالفرح والسعادة.
5 – لا تتهرّب من معرفة حقيقة الوضع الراهن، بل إطلع عليه كي تتمكن من إيجاد الحلول والمخارج.
6 – تذكّر دائما أنّ الغرق في المشاعر السلبية لن يعطي نتيجة، لذلك عليك الإبتعاد عن ذلك.
قد نخسر المال والوظيفة وبعض الممتلكات، في مراحل من حياتنا، وهذه الأشياء تُعوّض في فرص أخرى، إلّا أنّ صحتنا النفسية أولوية، ونستطيع بوعينا وبقرار منا أن نحافظ عيها، “صحتنا النفسية هي الخط الأحمر”.