أفادت مصادر دبلوماسية مطّلعة بأن الحملة الدعائية التي أطلقتها إسرائيل مؤخراً في تل أبيب، والتي تتضمّن لوحة ضخمة تظهر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى جانب عدد من القادة العرب، تأتي في سياق محاولة متعمّدة لصناعة مشهد “انتصار سياسي” تعويضي، بعد الإخفاق العسكري الواضح في المواجهة الأخيرة مع إيران.
وقد ترافقت هذه الحملة مع تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قال فيها: “نعتقد أننا سنُصدر إعلانات كبرى بشأن دول ستنضم إلى اتفاقيات أبراهام”، ما يكشف بوضوح أن الحملة تستهدف ليس فقط ترسيخ مشهد دعائي داخل إسرائيل، بل توجيه رسائل إقليمية بأن مسار التطبيع لم يتراجع رغم تصدّع الجبهات العسكرية.
وبحسب مصادر سياسية محليّة، فإنّ اللافت في اللوحة، بحسب المصادر، ليس فقط توقيتها الذي تزامن بدقّة مع إعلان وقف إطلاق النار، بل أيضاً وجود صورة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون ضمن الوجوه المعروضة، ما اعتُبر خطوة دعائية محسوبة تهدف إلى إظهار دعم لبناني رسمي مفترض لمسار اتفاقيات أبراهام.
وفي حين لم تصدر أي تصريحات رسمية لبنانية بشأن الانضمام إلى هذا المسار، تؤكد المصادر عدم صحّة ما يُروَّج له رغم الضغوط الخارجية المتزايدة لإدراج لبنان ضمن خارطة التطبيع الإقليمي.
وترى المصادر الدبلوماسية أن الحملة لا تستهدف في جوهرها الدول التي وقّعت على اتفاقيات التطبيع، بل تتوجّه أساساً إلى المجتمعات التي ما زالت تقاوم هذا المسار، وخصوصاً البيئات التي تمسّك خطابها بالمقاطعة والرفض، ما يجعل هذه الصور أداة ضغط نفسي ومعنوي أكثر مما هي انعكاس لتوافق فعلي.
وتربط المصادر بين هذا الأسلوب ونمط معروف تستخدمه إسرائيل عند الأزمات، إذ تعمد إلى الترويج الدعائي لإنجازات سياسية أو إعلامية لإخفاء العجز أو الاحتواء بعد الفشل الميداني، مستفيدة من الزخم الدولي والرغبة الأميركية في إعادة تعويم مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي روّج له نتنياهو حين قال: “لقد غيّرنا وجه المنطقة”.
وتخلص المصادر الى أنّ إسرائيل، العاجزة عن تثبيت نتائج ميدانية حاسمة، تلجأ إلى أدوات الدعاية الرمزية لإنتاج مشهد إقليمي مصطنع يخدم سرديّتها أمام الداخل والخارج. لكن مثل هذه الحملات، مهما بدت منسقة، لا تصنع توازنات جديدة، ولا تمنح شرعية لواقع غير موجود، بل تعكس مأزقاً سياسياً تسعى إسرائيل إلى إدارته بالصورة بعد أن عجزت عن حسمه بالقوّة.