وفي التفاصيل التي أوردتها قناة “روسيا اليوم” أنّ العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي انخفضت بنسبة 28.69% إلى 32.28 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ شباط 2016، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 31.35% إلى 28.33 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ شباط 2016.
وتعود هذه التطورات في سوق النفط إلى فشل تحالف “أوبك +” الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط، وذلك بعد تراجع الطلب بسبب تفشي فيروس “كورونا”.
ماذا جرى؟
أفادت وكالة “بلومبيرغ” أمس الأحد بأن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تعتزم زيادة إنتاج النفط إلى أكثر بكثير من عشرة ملايين برميل يوميا في نيسان القادم، بعد انهيار اتفاق خفض المعروض بين أوبك وروسيا. ونقلت الوكالة الأميركية عن مصادر مطلعة أن من المرجح زيادة إنتاج السعودية من النفط إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، ابتداء من نيسان المقبل، من نحو 9.7 ملايين برميل يوميا الشهر الجاري. كما نقلت عن مصدر -فضل عدم الكشف عن اسمه- قوله إن السعودية سبق أن أخبرت بعض المشاركين في السوق أنها قد ترفع سقف إنتاجها من النفط ليصل إلى مستوى قياسي هو 12 مليون برميل يوميا إذا اقتضت الحاجة ذلك.
من جهتها، ذكرت مصادر لوكالة أخرى أن إنتاج السعودية في نيسان المقبل سيزيد كثيرا على عشرة ملايين برميل يوميا، وقد يكون أقرب إلى 11 مليون برميل يوميا. وأفادت المصادر بأن رسالة وزير الطاقة السعودي هي أن تعظم أرامكو إنتاجها، وتبيع مزيدا من الخام لحماية حصتها السوقية؛ علماً أنّ طاقة إنتاج النفط السعودية تبلغ 12 مليون برميل يوميا، مما يعطيها القدرة على زيادة الإنتاج سريعا.
وانتهى اتفاق استمر ثلاث سنوات بين أوبك وروسيا يوم الجمعة، بعدما رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا، لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها. وكانت أوبك تخفض إنتاجها فعلياً بواقع 2.1 مليون برميل يومياً لأن السعودية قلصت إنتاجها النفطي بأكثر مما كان متفقاً عليه، وفقاً لـ”الشرق الأوسط”. وقالت مصادر، بحسب الصحيفة ، إن ضعف التزام روسيا بتخفيضات الإنتاج كان محبطا بالنسبة للرياض. وقال مصدر آخر: “المملكة ليست في حرب مع أي أحد، لكنها تسعى وراء مصالحها الخاصة. فور انقضاء الاتفاق، الجميع سيرفعون الإنتاج”. وبعد محادثات مطولة بمقر أوبك في فيينا يوم الجمعة، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إنه لم يعد هناك قيود على الإنتاج من أعضاء منظمة أوبك والمنتجين من خارجها اعتباراً من أول نيسان.
وهوت أسعار النفط نحو 10%، حيث جدد التطور بواعث القلق من انهيار الأسعار على غرار ما حدث بين 2014 و2016، عندما تنافست السعودية وروسيا على الحصص السوقية مع منتجي النفط الصخري الأميركيين، الذين لم يشاركوا قط في اتفاقات للحد من الإنتاج. وآنذاك، حاول المنتجون الكبار تضييق الخناق على إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة عن طريق خفض الأسعار وتوفير المزيد من الإمدادات إلى آسيا.
وقالت “بلومبيرغ” إن السعودية خفضت أسعار النفط الخام السبت للأسواق الخارجية إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشرين سنة على الأقل، مما يوفر خصومات غير مسبوقة للمشترين في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة لإغراء مصافي التكرير بشراء الخام السعودي على حساب الموردين الآخرين. وانخفض سعر خام القياس العالمي برنت أكثر من 9% يوم الجمعة إلى 45.27 دولارا للبرميل، وهي أكبر خسارة في يوم واحد خلال 11 عاما.
ماذا يقول الخبراء؟
في تعليق لـ”بلومبيرغ”، قالت إيمان ناصري، العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في شركة “إف جي إي” (FGE) الاستشارية للنفط؛ “إن المملكة العربية السعودية الآن تخوض حرب أسعار كاملة”.
من جانبه، قال مدير السلع في صندوق للتحوط -فضل عدم الكشف عن اسمه- إن ما قامت به المملكة يعد بمثابة إعلان حرب في أسواق النفط العالمية. من جهته، قال تيلاك دوشي، من معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية: “يبدو الأمر بمنزلة صدمة سعودية شاملة وإستراتيجية ترهيب بهدف زيادة الكميات السعودية والتنافس مع النفط الروسي في فنائهما الخلفي بأوروبا وآسيا”.
وأضاف دوشي، الذي عمل سابقا لدى أرامكو السعودية، “قد يكون هذا أسوأ من النصف الثاني من 2014، وقد تختبر الأسعار ثلاثين دولارا أو حتى عشرين دولارا في ضوء صدمة الطلب المتزامنة مع تأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي”. بدوره، قال متعامل لدى شركة تكرير بشمال آسيا إن تخفيضات الأسعار “المجنونة” يمكن أن تقود برنت إلى مستوى أربعين دولارا للبرميل قريبا”.
ماذا بعد؟
أخبار سارة للمستهلكين
كانت المرة السابقة التي يحدث فيها هذا الوضع (تراجع السعر الفوري عن الآجل) في 2014 و2015، وجرى حينئذ تخزين ملايين البراميل من النفط على متن السفن والناقلات في أنحاء آسيا وأوروبا وأفريقيا، بحسب تقرير نشرته “الجزيرة”.