تنفيذ الخطة الإنقاذية سيكون شائكاً لهذه الأسباب.. والنتيجة ‘تفقير’ اللبنانيين

4 مايو 2020
تنفيذ الخطة الإنقاذية سيكون شائكاً لهذه الأسباب.. والنتيجة ‘تفقير’ اللبنانيين

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن” تحت عنوان ” الخطة الوردية والتنفيذ الشائك”: ” الخطة الاقتصادية للحكومة التي عرفت بـ “البرنامج الإنقاذي” لن تنقذ لبنان وحدها. فبالاضافة إلى ان العبرة أولاً وأخيراً تبقى بالتنفيذ، فإن الخطة المعدلة استمرت بوضع عربة الاقتصاد أمام حصان الاصلاح الحقيقي. الامر الذي سيعيق إلى حد كبير انطلاق العربة، وإن صادف وانطلقت فستكون بطيئة وتصاب بأعطابٍ كبيرة.

تُقسّم الخطة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: الاول، يتناول عجز الموازنة. الثاني، اعادة هيكلة الجهاز المالي. أما القسم الثالث، فيتضمّن رؤية قطاعية اقتصادية.

إهمال آليات التنفيذ

في المحور الأول، فشلت الخطة في النظر الى الاصلاح بعين مفتوحة، بل استمر الخجل في التطرق بحزم وجد إلى وضع الآليات التنفيذية والمهل الزمنية. كما تم اعتماد النهج نفسه في مقاربة المؤشرات على أساس النسب المئوية بدلاً من الارقام الفعلية والحقيقية. فكان الاجدى بحسب “تجمع رجال الاعمال اللبنانيين”، “التطرق بشكل مباشر الى كمية المبالغ التي سيجري توفيرها أو تحصيلها للدولة نتيجة الاصلاحات المكتوبة بالارقام وليس بالنسب المئوية، التي تتغير في حال تغير أو تبدل الناتج المحلي الاجمالي”.

ترقيم الخطة وتزمينها ليسا مطلباً محلياً فحسب، بل هما أيضاً الشرط الاول لبث الثقة، وطلب المساعدة من “صندوق النقد الدولي”، وطمأنة المستثمرين والمنتشرين اللبنانيين في أصقاع العالم وتشجيعهم على الاستثمار في لبنان. هذا الشرط يتطلب أيضاً اصدار القوانين اللازمة والدخول مباشرة في التعيينات، والتي اهمها الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ومجلس ادارة جديدة لشركة كهرباء لبنان.

تصفير العداد

الشق الثاني من الخطة أثار جملة كبيرة من الاشكالات، حيث تصدرت جمعية المصارف قائمة المعترضين عليه، والسبب هو اعتماد الخطة لـ “مقاربة خاطئة”، بحسب رئيس “التجمع” فؤاد رحمة.

فلا يمكن من وجهة نظر المصرفيين، البدء بتحديد الخسائر في القطاع المصرفي، خصوصاً انها لا تزال محط خلاف كبير بينهم وبين الحكومة، وتحمّلها في اليوم نفسه. وبرأي رحمة فان العملية ليست “تصفيراً للعداد للبدء من جديد. والايحاء بأن الزمن قد توقف، خصوصاً ان الهدف من “البرنامج الانقاذي” ليس إدارة تفليسة القطاع المالي، بقدر ما هو تأمين متطلبات النهوض والاستقرار”.

يُظهر الشق الثاني المنهجية الخاطئة في المقاربة الحكومية. حيث كان الاجدى البدء بالاصلاحات اللازمة واقرار القوانين الضرورية والدخول في المفاوضات مع “الصندوق” والدائنين، والتوصل الى اعادة هيكلة الدين، ومن بعدها تحديد حجم الخسائر بسندات الدين المحمولة من المصارف و”المركزي”. فحجم “الخسارة” في القطاع المصرفي قد يتبدل نتيجة هذه المعطيات. كما ان اعداد المتعثرين عن سداد القروض ستتراجع حتماً مع معاودة محركات الاقتصاد العمل. أما بالنسبة الى تبخّر السيولة فان تأمينها يعتبر من وجهة نظر رحمة “سهلاً، متى اعيدت الثقة بالبلد وعاود الاقتصاد العمل. وفي حال عدم كفاية الرساميل فان موجودات مصرف لبنان والمصارف التجارية من خلال عملية اعادة تكوين الرساميل تدريجياً، ودخول مستثمرين وشركاء جدد، ستكون قادرة على تغطية الفرق”.

الخطة و”الصندوق”

هذه الخطة التي على اساسها تقدمت الحكومة بطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، لن تدخل حيز التنفيذ فعلياً ما لم تتوفر فيها القدرة الفعلية على الاصلاح، وتأمين شبكة الامان الاجتماعي. وهما عنصران ما زالت تحوم حولهما شكوك وتساؤلات كثيرة. إذ بالاضافة الى تأخير الدخول بشكل مباشر بأبسط الاصلاحات كتعيين الهيئات الناظمة وضبط المرفأ، واقفال المعابر غير الشرعية وتحسين الجباية ومكافحة التهرب الضريبي، فان الخطة لم تلحظ معالجة الورم الهائل في القطاع العام ولم تتطرق الى الخصخصة بشكل كاف وواف، بما يؤمن قدرة الدولة على الاستمرار واستدامة الحلول والخطط الموضوعة. هذا ويعتبر عجز الدولة عن تأمين خطة الامان الاجتماعي المقدرة 1.2 الف مليار ليرة، بادرة سلبية عن قدرتها على تأمين شبكة أمان اجتماعي تترافق مع التدابير القاسية التي ستتخذها مجاراةً مع تطبيق الخطة.

الخشية اليوم هي من عجز الدولة المنخورة بالفساد السياسي والمحسوبيات ومصادرة القرار، من تطبيق الاصلاحات بشكل فعال وعادل على كل المواطنين.

لتكون النتيجة النهائية بالتالي، قتل القطاع المصرفي والاقتصاص من اصحاب الرساميل والمتمولين وتفقير معظم المواطنين والقضاء على فرص المساعدة الهائلة التي ممكن ان تتأمن من الجالية اللبنانية المنتشرة في العالم”.