وعليه فإن اعادة هيكلة الديون والمصارف تعتبر، بحسب الخبير في الشؤون المصرفية والاقتصادية المحامي حسين يعقوب، المدخل الجدي والحقيقي للاصلاح فهذه الخطة تلحظ توصيفا وتشخيصا دقيقا لحقيقة الأزمة بمعزل عن ان الاصلاح لن يكون تطبيقه ممكنا الا اذا ترافق مع ذهنية جديدة في ادارة الدولة بعيدا عن منطق الصفقات والمحسوبيات والتسويات القائمة منذ عقود، وبالتالي فإن استخدام الاحتياطي الالزامي ليس من ضمن السياسات التي تتناسب وتتفق مع الاصلاح المنشود ليبقى البحث عن سبل لتأمين دعم السلع الأساسية هو المطلوب والأكثر الحاحا لتجنب الانفجار الاجتماعي الذي يبدو أنه قادم لا محالة كما يقول يعقوب لـ “لبنان24”.
وليس بعيدا، عاد الحديث في الأسابيع الماضية عن ضرورة التوجه الى اعتماد نظام صندوق تثبيت القطع باعتباره مفتاح خلاص لبنان من مأزقه الاقتصادي الا أنه لا يخلو من بعض العوائق التي تحول دون اعتماده في لبنان لاعتبارات متعددة، ففكرته، بحسب يعقوب، تتلخص بتغطية الليرة اللبنانية بكاملها من الدولار، أي لا طبع للاموال بالليرة اللبنانية من قبل مصرف لبنان الا اذا كانت لديه موجودات بالعملة الأجنبية أو الذهب القابل للتداول، وبالتالي فالعكس صحيح. فكل خفض في موجودات الصندوق من العملات الأجنبية او الذهب القابل للتداول يقابله خفض لحجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية بشكل مواز مما يقود حتما الى الغاء سلطة المصرف المركزي في تحديد اسعار الفائدة على العملة اللبنانية، وبالتالي فان مجلس النقد لا يحل المشكلة بل يكرسها وسيؤدي الى استكمال دولرة الاقتصاد المحلي بشكل مطلق وربما يقود إلى الانكماش. فانشاؤه يهدف الى الاحتفاظ باحتياطات بالعملة الأجنبية لكنه ينتزع سلطة المصارف المركزية عن السياسة النقدية مما قد يؤدي الى نتائج عكسية. فهو، وفق يعقوب، يعتمد على تثبيت سعر الصرف بناء على معادلة بأن تكون الكتلة النقدية بالليرة مضمونة بقيمة موازية من الدولارات لدى المصرف المركزي، وبالتالي، فإن أي انخفاض بقيمة الدولارات الموجودة يعني تدني أكبر لسعر الليرة، وذلك يقود الى ضرب الحركة الاقتصادية والقدرات الاستهلاكية، فاذا كان من ايجابياته اعطاء الثقة بالليرة إلا أن تطبيقه لا يكون إلا بعد إجراء إصلاحات جوهرية كجذب السيولة من الخارج وإعادة بناء الاقتصاد وفق رؤية جديدة تختلف عن الخطط السابقة بالإضافة إلى العامل الأهم في هذه الرؤية، وهي الشفافية في النفقات والايرادات ولا بد من الإشارة إلى أن انشاء هذا المجلس يخضع لاعتبارات لا تعاني منها الدول التي سبق واعتمدته. فإذا كان إنشاء هذه المجلس يجعله يتحكم بأغلب المنظومة الاقتصادية فإن سؤالا يطرح حول الجهة التي ستتولى رئاسة المجلس وهل سيحصل توافق عليها في ظل نظام التحاصص الطائفي. وليس بعيدا هناك العديد من المشاكل والتساؤلات التي لا يستطيع مجلس النقد الاجابة عنها، منها على سبيل المثال (كيفية اعادة أموال المودعين بالعملة الأجنبية ومصير المصارف المتعثرة ) لذلك فإن نجاح تجربة مجلس النقد في بعض الدول على غرار استونيا لا يعني وفق يعقوب، نجاحها في لبنان. فأي تصور لإخراج لبنان من أزمته يجب أن يترافق ويتلازم مع ظروف هذا البلد وتركيبته السياسية والمالية والاقتصادية. فلا يخفى على أحد أن المشكلة الاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان هي في طبيعة النظام القائم والذي أصبح جليا أنه استهلك تماما، وهذا يقود إلى الاستنتاج أن الأساس في أزمتنا هو سياسي بامتياز، لذلك فإن طروحات الحل يبدأ بالسياسة وينتهي بها.