هل يتجه الاقتصاد الأميركي نحو الركود؟

27 يوليو 2022
هل يتجه الاقتصاد الأميركي نحو الركود؟


من المتوقع أن تعلن الإدارة الأميركية، الخميس المقبل، تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام الجاري، الذي يغطي الفترة من أبريل إلى يونيو.ويتوقع بعض الاقتصاديين أن يتم الإعلان عن حدوث انكماش للربع الثاني على التوالي، ما يعني أن هناك ركودا، على الأقل وفقا لأحد التعريفات الشائعة.

وهناك قاعدة عامة قائمة منذ فترة طويلة، تنص على أن الركود يحدث عندما ينكمش الاقتصاد لربعين متتاليين.لكن وكالة أسوشيتد برس تقول إن “هذا التعريف ليس هو المهم”.ويقول خبراء في الاقتصاد إن هذا لا يعني أن الركود قد بدأ، فخلال الأشهر الستة التي كان من الممكن أن ينكمش فيها الاقتصاد، أضافت الشركات وأرباب العمل الآخرون 2.7 مليون وظيفة، أي أكثر ما تمت إضافته  قبل الوباء.كما ترتفع الأجور بوتيرة صحية، ولايزال العديد من أصحاب العمل يجدون صعوبات في جذب عدد كاف من العمال والاحتفاظ بهم.

وتعد قوة سوق العمل سببا رئيسيا في توقع إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن رفع كبير آخر لسعر الفائدة قصير الأجل، يوم الأربعاء، قبل يوم واحد من تقرير الناتج المحلي الإجمالي.وقد أشار العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى النمو الصحي للوظائف كدليل على أن الاقتصاد يجب أن يكون قادرا على تحمل معدلات الفائدة الأعلى وتجنب الانكماش.ومع ذلك، فإن العديد من خبراء الاقتصاد يشككون في هذا التأكيد.وتعريف الركود الأكثر قبولا على نطاق واسع هو التعريف الذي يحدده المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية NBER والذي يقول إنه “انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر لأكثر من بضعة أشهر”.ويقوم المكتب بتقييم مجموعة واسعة من العوامل قبل الإعلان علنا عن الركود، وغالبا ما يكون الإعلان بعد حدوث الركود فعلا.هل الاقتصاد ينكمش فعلا؟
انكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 1.6 في المئة بمعدل سنوي، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.وتوقع اقتصاديون الإعلان عن نمو سنوي يقل قليلا عن 1 في المئة في الربع الثاني، وفقا لمزود البيانات FactSet.وإذا كانت هذه التوقعات دقيقة، فإنها تشير إلى أن الاقتصاد ليس في حالة ركود من الناحية الفنية بأي تعريف.وحتى لو كان النمو سلبيا للربع الثاني على التوالي، فإن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي وخبراء الاقتصاد في إدارة بايدن يشيرون إلى مقياس أقل شهرة يسمى “الدخل المحلي الإجمالي”.والناتج المحلي الإجمالي، وفق هذا التعريف، هو قيمة إنتاج البلاد من السلع والخدمات الناتجة عن إنفاق المستهلكين والشركات والحكومات.ماذا يراقب المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أيضا؟يدرس NBER العديد من نقاط البيانات الأخرى في تحديد حالات الركود، بما في ذلك مقاييس الدخل والتوظيف والإنفاق المعدل حسب التضخم ومبيعات التجزئة وإنتاج المصانع.ويضع المكتب وزنا أكبر على الوظائف ومقياسا للدخل المعدل حسب التضخم يستثني مدفوعات الدعم الحكومي مثل الضمان الاجتماعي.وارتفع المقياس قليلا في أبريل ومايو بعد قراءة ثابتة في الربع الأول من هذا العام.ولكن ألا يعتقد الكثير من الناس أن الركود قادم؟نعم، لأن العديد من الناس يشعرون الآن بعبء مالي أكبر.ومع تأخر مكاسب الأجور عن مواكبة التضخم بالنسبة لمعظم الناس، أدى ارتفاع أسعار الضروريات مثل الغاز والغذاء والإيجار إلى تآكل القدرة الشرائية للأميركيين.ويوم الاثنين، ذكر متجر التجزئة “ولمارت” أن ارتفاع تكاليف الغاز والغذاء أجبر المتسوقين على خفض مشترياتهم وهو علامة واضحة على أن الإنفاق الاستهلاكي، وهو محرك رئيسي للاقتصاد، يضعف.وتسببت زيادات أسعار الفائدة في تضاعف متوسط أسعار الفائدة على الرهن العقاري، مقارنة بالعام الماضي، إلى 5.5 في المئة، ما تسبب في انخفاض حاد في مبيعات المنازل والبناء.ومن المرجح أيضا أن تؤثر المعدلات على استعداد الشركات للاستثمار في المباني والآلات والمعدات الأخرى الجديدة. وإذا خفضت الشركات الإنفاق والاستثمار، فستبدأ أيضا في إبطاء التوظيف.وقد يؤدي تزايد الحذر بين الشركات بشأن الإنفاق بحرية في نهاية المطاف إلى تسريح العمال. وإذا فقد الاقتصاد الوظائف، وأصبح عامة الناس أكثر خوفا، فإن المستهلكين سوف يزيدون من خفض الإنفاق.ما هي بعض علامات الركود الوشيك؟ويقول خبراء اقتصاديون إن أوضح إشارة إلى أن الركود جار ستكون ارتفاعا مطردا في فقدان الوظائف وزيادة في البطالة.وفي الماضي، كانت الزيادة في معدل البطالة بمقدار ثلاثة أعشار النقطة المئوية، في المتوسط، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تعني أن الركود سوف يتبع ذلك قريبا.ويراقب العديد من الاقتصاديين عدد الأشخاص الذين يسعون للحصول على إعانات البطالة كل أسبوع، ما يشير إلى ما إذا كانت عمليات التسريح تزداد سوءا.وفي الأسبوع الماضي، ارتفعت طلبات الحصول على إعانة البطالة إلى 251 ألفا، وهو أعلى مستوى في ثمانية أشهر.وفي حين أن هذه علامة يحتمل أن تكون مثيرة للقلق، فإن هذا المستوى لا يزال منخفضا تاريخيا.أي إشارات أخرى يجب مراقبتها؟ويراقب العديد من الاقتصاديين أيضا التغيرات في مدفوعات الفائدة، أو العوائد على السندات المختلفة للحصول على إشارة ركود تعرف باسم “منحنى العائد المقلوب”.يحدث هذا عندما ينخفض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات إلى أقل من العائد على سندات الخزانة قصيرة الأجل، مثل أذون الخزانة لمدة 3 أشهر. وهذا أمر غير عادي.وعادة ما تدفع السندات طويلة الأجل للمستثمرين عائدا أكثر ثراء في مقابل تقييد أموالهم لفترة أطول.وتعني منحنيات العائد المقلوبة عموما أن المستثمرين يتوقعون حدوث ركود، من شأنه أن يجبر الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة.وغالبا ما تسبق المنحنيات المقلوبة فترات الركود.وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، تجاوز العائد على سندات الخزانة لأجل عامين العائد على السندات لأجل 10 سنوات، ما يشير إلى أن الأسواق تتوقع ركودا قريبا.ومع ذلك، يقول العديد من المحللين إن مقارنة العائد لأجل 3 أشهر بالعائد لمدة 10 سنوات يحقق دقة أفضل في التنبؤ بالركود، وهذه المعدلات ليست مقلوبة الآن.هل سيستمر الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة حتى مع تباطؤ الاقتصاد؟وقد وضعت الإشارات المتباينة للاقتصاد (تباطؤ النمو مع التوظيف القوي) الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب.ويهدف رئيس الاحتياطي، جيروم باول، إلى تحقيق “هبوط ناعم”، حيث يضعف الاقتصاد بالقدر الكافي لإبطاء نمو التوظيف والأجور دون التسبب في الركود، ويعيد التضخم إلى المعدل الذي يريده الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة.لكن باول أقر بأن مثل هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة.وأدى غزو روسيا لأوكرانيا، وعمليات الإغلاق التي فرضتها الصين، إلى ارتفاع أسعار الأغذية والطاقة، والعديد من الأجزاء المصنعة في الولايات المتحدة.وأشار باول أيضا إلى أنه إذا لزم الأمر، سيواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة إذا كان هذا هو المطلوب لترويض التضخم.