شتاء غير اعتيادي… “التقنين” يصل الى اوروبا

5 سبتمبر 2022
شتاء غير اعتيادي… “التقنين” يصل الى اوروبا


يبدو أن فرض نظام توزيع حصص الطاقة في أوروبا خلال شتاء العام الحالي مسألة محتومة، فقد شدد مسؤولون ألمان يوم السبت على أن أمن الإمدادات مكفول، على الأقل في الوقت الحاضر.هذه التصريحات تأتي، بعد أن قررت شركة “غازبروم” الروسية في اللحظة الأخيرة عدم إعادة تشغيل خط أنابيب “نورد ستريم” الحيوي عقب انتهاء أعمال الصيانة. يجري ملء المخزون واقتناء مصادر جديدة للغاز.

تعزيز المخزونات
لكن كلاوس مولر، رئيس هيئة تنظيم الطاقة في الوكالة الفيدرالية للشبكات، حذر الشهر الماضي من أنه حتى بلوغ مخزون الغاز 95%، سيوجد ما يكفي فقط لمدة شهرين ونصف إذا أغلقت روسيا التدفقات. يبلغ حجم المخزون الألماني حالياً نحو 85%.قال تييري بروس، أستاذ الطاقة الدولية في “ساينسيس بو” في باريس: “يقع الاتحاد الأوروبي حالياً في منطقة الخطر إذ يتطلب الأمر تقويضاً للطلب بقدر أكبر”. يُقدر أن الأمر يحتاج لتقليص 3% إضافية من الطلب.

حدد الاتحاد الأوروبي فعلاً هدفاً طوعياً للحد من الطلب على الغاز عند 15%، مع وجود خيار بجعله إلزامياً في حال احتاج الأمر ذلك. بينما يتجهز وزراء الطاقة للاجتماع الطارئ في 9 سبتمبر للجاري، ستكون الخطوات التي بدت غير قابلة للتفكير على الأرجح قيد الدراسة حالياً.تمتلك ألمانيا خطتها المصممة لحالات الطوارئ . المرحلة الأخيرة – التي لم تصدر حتى الآن – تتضمن نظام توزيع الحصص.اختبار الشتاءكان السياسيون في أوروبا يستعدون لاحتمال قطع الإمدادات لأسابيع، ويسارعون لتوفير سبل للحد من الطلب. بدأ القطاع فعلاً في الانهيار وسعر صرف اليورو آخذ في التراجع جراء الخسائر الاقتصادية الناجمة عن حرب الطاقة التي تشنها موسكو. مع اقتراب فصل الشتاء، ربما يُختبر عزم أوروبا على الاستمرار في دعم أوكرانيا ضد روسيا.في حين أن تقليص الطلب على الغاز 15% الذي يضغط الاتحاد الأوروبي لتحقيقه قد يجعل التكتل الموحد يتفادى نظام توزيع الحصص، فإن الحكومات حتى الآن كانت بطيئة في التحرك للحد من الاستهلاك. حذرت المفوضية الأوروبية في يوليو الماضي من أن الشتاء البارد بدرجة غير معتادة أو واردات غاز منخفضة من مصادر بديلة سيزيد من مخاطر إجراء “تخفيضات حادة أكثر”.

أخذت أسعار الغاز في التراجع الأسبوع الماضي حيث توقع التجار بصورة متنامية أن تعيد شركة “غازبروم” فتح الخط عقب إشارات من موسكو بأن إعادة الفتح كانت وشيكة الحدوث. ثم في تحرك اللحظة الأخيرة، عقب ساعات فقط من اتفاق مجموعة الدول السبع على مواصلة عملية وضع سقف لأسعار النفط الروسي، قالت “غازبروم” إن الخط سيبقى مغلقاً حيث اُكتشف عيب أثناء أعمال الصيانة.الحل النووي
بلغت الأسعار فعلاً 4 أضعاف مستوى السنة الماضية، ومن المنتظر أن تقفز الأسعار يوم الاثنين، ما يزيد الضغط على الصناعات والأسر- وعلى صناع السياسات للتصرف.التوقف الكامل لخط “نورد ستريم” ، الذي يمتد تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا، يخلف طريقين أساسيين فقط لتوصيل الغاز للاتحاد الأوروبي: أحدهما عبر أوكرانيا والآخر عبر خط “ترك ستريم” تحت البحر الأسود. كما قُلصت التدفقات عبر أوكرانيا بشدة، مع عمل خط واحد فقط.تزيد خسارة خط الأنابيب الرئيسي لأجل غير مسمى أيضاً من الضغط على ألمانيا للإبقاء على محطات الكهرباء المولدة من الطاقة النووية التي كانت تعتزم غلقها خلال السنة الحالية مفتوحة لمدة أطول، وهو قرار سيكون مثيراً للجدل. تقول الحكومة إنها ما زالت تنتظر نتائج اختبارات الإجهاد قبل إصدار قرار، لكن يبدو أن هذا التحرك بات مرجحاً بطريقة متنامية.سيوفر تمديد العمل بالمحطتين النوويتين 2.3% من الطلب على الغاز، وفقاً لتقديرات “بلومبرغ إن إي أف”. يعادل ذلك 5.4 مليون متر مكعب يومياً.قال كيسافارثيني سافاريموثو، محلل في “بلومبرغ إن إي أف”: “تمديد العمل بمحطات الطاقة النووية يعد أمراً بديهياً لألمانيا وسيحدث فارقاً قطعاً، وكل مليون متر مكعب من الغاز يعتبر مسألة في غاية الأهمية لأمن الإمدادات واستمرار تقليص الطلب على الغاز في قطاع الكهرباء”. الأحوال الجويةمع غلق خط “نورد ستريم: وتقليص التدفقات عبر أوكرانيا، يتوقف الكثير من الأمور حالياً على ظروف الطقس.في شهر أكتوبر، حيث بداية موسم التدفئة الشتوي، يبدو أنه حتى الآن من المنتظر أن يكون معتدلاً مع درجات حرارة أعلى من المستويات المعتادة المتوقعة في منطقتي شمال وغرب أوروبا، بحسب شركة “ماكسار تكنولوجيز”. ستحدد سرعة تحول الطقس للبرودة مدى سرعة استهلاك أوروبا لإمداداتها من الغاز في المخازن.تتنافس آسيا وأوروبا على الغاز الطبيعي المسال، وإذا كان الشتاء بارداً خاصة في كلتا المنطقتين، فيوجد خطر أن ينفد المخزون الأوروبي من الغاز مع نهاية فصل الشتاء. يحدو صناع السياسات الأمل في بدء فصل الربيع مبكراً.قالت بيني ليك، محللة الأبحاث في شركة “وود ماكنزي” للاستشارات، “سيكون تجاوز فصل الشتاء أمراً صعباً على ألمانيا، وسيقلص ذلك بدون شك من الطلب”. “بلومبيرغ الشرق”