تحت عنوان “مؤشرات الانهيار تلوح في الأفق.. تحليل يرسم صورة قاتمة للاقتصاد الروسي”، جاء المقال التالي في موقع “الحرة”:”مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد قسوة العقوبات الغربية، تعاني روسيا من تقلص الميزانية العامة وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي وتراجع قيمة العملة، في مؤشرات على انهيار اقتصادي متوقع على المدى البعيد، وفقا لتقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأدت الأشهر الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي إلى زيادة أسعار النفط والغاز الطبيعي التي جلبت مكاسب غير متوقعة لموسكو.معاناة اقتصاديةفقدت أكبر صادرات روسيا “الغاز والنفط” عملاء رئيسيين، ومنذ تشرين الثاني انخفض الروبل مقابل الدولار بما يزيد عن 20 بالمئة، وتقلصت القوة العاملة بالبلاد مع إرسال الشباب إلى الجبهة أو الفرار من البلاد خوفًا من التجنيد، وأدى عدم اليقين إلى كبح الاستثمار في الأعمال التجارية، حسب “وول ستريت جورنال”.وحولت روسيا صادراتها النفطية إلى الهند والصين العام الماضي بعدما سعت دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف ارتهانها لإمدادات الطاقة الروسية بعدما غزت موسكو أوكرانيا المجاورة، وفقا لـ”فرانس برس”.وفرض الاتحاد الأوروبي حظرا على النفط الروسي المصدّر بحرا وحدد سقفا لسعر الخام الروسي تم الاتفاق عليه مع مجموعة السبع.وقالت وكالة الطاقة الدولية خلال الشهر الحالي إن عائدات روسيا النفطية تراجعت بالنصف تقريبا في شباط مقارنة مع العام الماضي.وهذا الشهر، حذر الملياردير الروسي، أوليغ ديريباسكا، من نفاد السيولة النقدية في روسيا، وقال بمؤتمر اقتصادي “لن يكون هناك أموال في العام المقبل، نحن بحاجة إلى مستثمرين أجانب”.مستعمرة اقتصادية للصين؟بعد عزلها بشكل واسع عن أوروبا منذ الغزو الذي شنّته على أوكرانيا، قامت روسيا بتوجيه اقتصادها على نطاق واسع نحو الصين، مجازِفة في أن تجد نفسها في “علاقة غير متوازنة” مع بكين وفي موقف ضعيف أمامها، وفقا لـ”فرانس برس”.وبعد أن فقدت إلى حد كبير سوقها الأوروبي المجاور، ومع انسحاب مستثمرين غربيين آخرين، أصبحت موسكو أكثر اعتمادا على الصين، ما قد يجعل روسيا تصبح مستعمرة اقتصادية لجارتها الجنوبية المهيمنة.وقالت الزميلة البارزة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، ماريا شاجينا، “على الرغم من مرونة روسيا على المدى القصير، فإن الصورة طويلة المدى قاتمة”.وتابعت” ستكون موسكو أكثر ميلا إلى الداخل وتعتمد بشكل مفرط على الصين”، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.الصناعة الروسية تعانيقال معهد جايدار للسياسة الاقتصادية ومقره موسكو إن الصناعة في البلاد تمر بأسوأ أزمة عمالية منذ أن بدأت السجلات في عام 1993. وأدى هجرة الأدمغة بعد الغزو والتعبئة العسكرية إلى مواجهة حوالي نصف الشركات لنقص في العمال.وفي مواجهة سلسلة من الانتكاسات العسكرية، أعلن بوتين تعبئة شملت ما لا يقل عن 300 ألف من جنود الاحتياط منذ أيلول 2022، وفقا لـ”فرانس برس”.تداعيات العقوبات الغربيةفرضت دول الغرب مجموعة من العقوبات على روسيا بسبب النزاع في أوكرانيا، بما في ذلك حظر مفروض على تصدير السلع الصناعية من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا ليشمل السلع ذات الاستخدام المزدوج مثل الإلكترونيات، والمركبات المتخصصة، والأجزاء الميكانيكية، وقطع غيار محركات الشاحنات والطائرات، والهوائيات، والرافعات، والطائرات المسيّرة، والمعادن النادرة، وكاميرات التصوير الحراري، وفقا لـ”فرانس برس”.وقال البنك المركزي الروسي، إن المخاطر تتزايد في قطاع الطيران، حيث قد يؤدي العجز في الطائرات وقطع الغيار الجديدة إلى مشاكل في الصيانة، وينطبق الأمر ذاته على شركات تكنولوجيا المعلومات في روسيا. ولسنوات قبل العقوبات الحالية، حاولت روسيا استبدال البضائع الأجنبية بسلع محلية الصنع، لكن ذلك تم بـ”نجاح محدود”، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.وقال خبير اقتصادي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية، فاسيلي أستروف، “هذا يشبه إلى حد ما العودة إلى الحقبة السوفيتية، والقيام بكل شيء بأنفسنا”، مضيفا “سيكون من المستحيل تقريبًا استبدال ما هو مفقود بشكل صحيح.” وأطلق المحللون في البنك المركزي الروسي على واقع ما بعد الحرب اسم “التصنيع العكسي”، مما يشير إلى اعتماد روسيا على “تكنولوجيا أقل تطورا”.اقتصاد أكثر اعتمادا على الدولةمع كل هذه التغييرات، أصبح الاقتصاد الروسي أكثر اعتمادا على الدولة، ويأتي الكثير من نمو الإنتاج الصناعي الآن من المصانع التي تنتج الصواريخ وقذائف المدفعية والملابس العسكرية.في حين أن الإحصاءات الرسمية لا تنشر الإنتاج العسكري، فإن إنتاج “السلع المعدنية الجاهزة”، وهو خط يقول المحللون إنه يشمل الأسلحة والذخيرة، قد ارتفع بنسبة 7 بالمئة العام الماضي.وارتفع إنتاج أجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية والبصرية، وهو خط آخر يقال إنه يشمل الإنتاج العسكري، بنسبة 2 بالمئة لهذا العام و 41 بالمئة في كانون الأول مقارنة بشهر تشرين الثاني.الاقتصاد الروسي.. إلى أين؟بالنسبة لهذا العام، يتوقع معظم المحللين انخفاضًا آخر في الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من أن البعض، ومنهم صندوق النقد الدولي، يتوقع نموا متواضعا.لكن الصندوق قال إنه بحلول عام 2027، من المتوقع أن يكون الناتج الاقتصادي أقل بنحو 7 بالمئة مما أشارت إليه توقعات ما قبل الحرب. وستؤدي خسارة رأس المال البشري، والعزلة عن الأسواق المالية العالمية، وإعاقة الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، إلى إعاقة الاقتصاد الروسي، وفقا لصندوق النقد الدولي.وقال أستروف: “نحن لا نتحدث عن أزمة لمدة عام أو عامين، سيكون الاقتصاد الروسي على مسار مختلف”.