مأزق آذار بالوقائع: لبنان بين السندات.. والسندان

12 فبراير 2020
مأزق آذار بالوقائع: لبنان بين السندات.. والسندان

كتب عماد مرمل في “الجمهورية”: أصبح استحقاق تسديد سندات “اليوروبوند” المترتبة على لبنان في آذار المقبل (1,2 مليار دولار) الشغل الشاغل للبنانيين، وسط انقسام الآراء على مستوى الاقتصاديين والسياسيين بين مؤيّد لتسديد الدين المتوجب ومعارض له، في انتظار ان تحسم السلطة، ولاسيما منها الحكومة، القرار النهائي على هذا الصعيد.

 

إقتحمت سندات “اليوروبوند” بقوة خلال الايام الماضية اهتمامات اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم معنيين بالحصول على اكبر مقدار ممكن من المعلومات والشروحات حول هذا الاستحقاق، خصوصاً انهم سيكونون في مرمى “الموجات الحرارية” لأيّ قرار، سواء قضى بالتسديد أو بالامتناع عنه.

 

لم يعد ملف “اليوروبوند” شأن الخبراء لوحدهم، بل أصبح كل مواطن مضطراً الى الاحاطة به والتدقيق في تفاصيله قدر الامكان، بعدما بات واضحاً أنّ كلفة خيار التسديد أو التخلّف ستدفع مباشرة من اللحم الحي للبلد وشعبه، نتيجة مفاعيل الأزمة الاقتصادية المالية التي كشفت المستور وحوّلت الناس وودائعهم وقوداً لها.

 

وأصعب ما في اختبار آذار انّ على لبنان الاختيار بين السيئ والأسوأ او بين خيار مرّ وآخر أشد مرارة، بحيث صار المطلوب في هذه اللحظة حصر الخسائر، ليس أكثر، لأنّ تفاديها بات أمراً متعذّراً.

 

ثم انّ القرار الذي سيصدر، لا يتحمّل أي خطأ في الحسابات، ما يستدعي من جهة إخضاعه الى بحث معمّق ومقاربة علمية وواقعية بمعزل عن العواطف والانفعالات، ومن جهة أخرى اعتماد الشراكة في صنعه، فلا يكون حسمه من مسؤولية رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة او وزير المال او حاكم مصرف لبنان أو أيّ كان بمفرده، بل ينبغي أن يشارك الجميع في تَحمّل مسؤوليته، وان تتخذه الحكومة مجتمعة في ظل أوسع تغطية سياسية ووطنية ممكنة، إذ انّ الشرط الاساسي للتخفيف من أضرار القرار المُفترض إنما يكمن في تأمين أكبر توافق داخلي حوله وعدم تحويله مادة خلاف إضافية.

 

ويبدو أنّ كثيرين أصبحوا من المتحمّسين لكسر “التابوهات المالية” التي تَحكّمت بالمرحلة السابقة واستثمار الهامش المُمتد بين حَدّي التعثر والافلاس، على قاعدة التمييز بين الاثنين وعدم تَهيّب الأخذ بخيار التعثر في السداد، انطلاقاً من أنه مبرّر بكامله وسط شح الدولار وأنّ دولاً كثيرة خاضت تجربته وتجاوَزتها بعد حين.

 

والأرجح أنّ أي قرار تتخذه حكومة دياب بالامتناع عن تسديد استحقاق آذار على حساب ودائع المواطنين، سيساهم في زيادة منسوب القبول الشعبي بها وتقليص الهوة التي تفصلها عن شريحة من الناس حجبت الثقة عنها من اللحظة الاولى لولادتها.

 

وبينما نُقِل سابقاً عن الرئيس حسان دياب تأكيده أنه يرفض أن تسجل على حكومته سابقة الاخلال بالموجبات المالية للدولة، يوضِح المطّلعون على حقيقة موقفه انّ ما يعارضه دياب تحديداً هو إعلان لبنان دولة مفلسة، في النظر الى التداعيات الوخيمة التي سيرتّبها مثل هذا الاعلان. وبالتالي، فهو منفتح على مناقشة كل الاحتمالات الأخرى المصنّفة خارج محظور الافلاس.

 

ويشير هؤلاء الى أنّ مسألة التسديد أو الامتناع، ستكون موضع بحث دقيق ضمن الفترة الممتدة حتى نهاية الشهر الحالي لاتخاذ القرار المناسب الذي ينسجم مع مقتضيات المصلحة العامة.

 

 ويؤكد العارفون أنّ هناك ميلاً متزايداً لدى بعض الأوساط الرسمية نحو تأجيل تسديد سندات “اليوروبوندز” المتوجبة في آذار، على قاعدة إعادة جدولة الديون بعد التفاوض والتفاهم مع الجهات الدائنة، خصوصاً تلك الاجنبية، لكن لا شيء نهائياً بعد في انتظار الانتهاء من الدرس الوافي لجميع الخيارات وكلفة كل منها.

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا