كتب نبيل هيثم في “الجمهورية”: لم يُخطئ رئيس الحكومة حسان دياب في قوله إنّ “الدولة لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم، وهم فقدوا ثقتهم بها”.
بصرف النظر عن حيثيات هذا الاعتراف، وبعيداً من خلفيات أيّ “اوركسترا” ألحق رئيس الحكومة بها تهمة “الاجتزاء” و”التزوير”، فإنّ تلك الكلمات تعبّر بالفعل عن حقيقة، قد لا يكون دياب قصدها بالفعل، ولكنها باتت مستقرة في اللاوعي السياسي والمجتمعي في البلاد، بأنّ لبنان تحوّل بالفعل “دولة فاشلة”.
هذا التوصيف الذي يختزله ضمناً قول رئيس الحكومة، وعلى رغم من ردود الفعل الصاخبة التي حامت حوله، لم يكن مفاجئاً لأيّ متتبع لمسار الأحداث في لبنان منذ “إتفاق الطائف” وحتى اليوم.
على مسافة أيام، يقترب الإقرار الرسمي للفشل، حين يحلّ الموعد النهائي لاستحقاق الدفعة الأولى من سندات اليوروبوندز البالغة 1.2 مليار دولار في التاسع من آذار، لتعلن الدولة اللبنانية تعثّرها عن السداد، للمرة الأولى في تاريخها، بكل ما يعنيه ذلك من سيناريوهات اقتصادية ـ وبطبيعة الحال سياسية ـ لا يمكن أحدٌ توقّع مداها، ابتداءً من الحجز على الأصول العمومية، من ذهب وعقارات وربما أكثر من ذلك، وصولاً إلى انفصال لبنان عن التعاملات الخارجية، وانقطاع فرص الحصول على قروض من الخارج.
كفي النظر إلى مقدّمات التعثر التي شهدتها أسواق المال قبل اسابيع، حين هوت قيمة السندات إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 53 سنتاً، لتنخفض قيمة الليرة، المربوطة رسمياً بالدولار، بنسبة 40 في المئة في السوق السوداء.
كيف وصلنا إلى هنا؟
الجميع يعلم مسار السياسات منذ العام 1992، حين تكرّس ذلك النمط الاقتصادي – السياسي بعناوينه العريضة المعروفة: النمو المتدني، والبطالة العالية، والفساد المتفشي (احتل لبنان المرتبة 137 من بين 180 دولة في مؤشر الفساد للمنظمة الشفافية الدولية للعام 2019)، وفوق ذلك كله، تسويات كرّست ذلك التواطؤ المرعب بين النخبة السياسية والقطاع المصرفي.
وبالإضافة الى ذاك المسار، أتت “الهندسة المالية” التي اجراها مصرف لبنان، والتي انطوت على إغراء الاستدانة بالدولار من القطاع المصرفي، بأسعار فائدة مرتفعة، لتمويل إنفاق الحكومة، المتفلّت من أي ضوابط، ضمن صفقة كبرى، استمرت لسنوات طويلة، سعى فيها “الحاكم” للتغطية على “الحكّام”، والعكس صحيح، تحقيقاً لطموحات تقاطعت فيها المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة لضمان إعادة إنتاج منظومة تستلهم نموذج “جمهوريات الموز”، وإن تمّ تزيينها بديكورات الصيغة اللبنانية الفريدة.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا