سبق فيروس “كورونا” مستشفيات البقاع الحكومية في تأمين جهوزيتها الطارئة لمواجهة الوباء العالمي. ودخل البقاع منذ يوم الأربعاء في حالة الرعب من المرض، إثر ظهور أول حالة مثبتة بالفيروس، أعلنها محافظ البقاع رسمياً. ليتبين أن المصاب رقيب أول في الفريق الأمني المرافق للرئيس حسان دياب، تم تداول المعلومات حول إصابته منذ صباح الأربعاء.
المصاب الأول
الشاب المصاب من بلدة “الفاعور” في قضاء زحلة، وهي بلدة مستحدثة، سكانها من العشائر العربية، وهي بلدة تتداخل عقارياً مع قرى بقاعية أخرى، ككفرزبد والدلهمية وتربل، التي دب “الهلع” في صفوف أهلها، خصوصاً بعد ما أكده مختار الدلهمية رفعت النمر، عن اختلاط الشاب المصاب مع آخرين، رغم مطالبته بإلتزام المنزل، وتواجده مساء الثلثاء في إشكال بين مجموعة من الأهالي وقع أمام منزله. وفيما أكد محافظ البقاع لـ”المدن” أنه جرى اتخاذ كل التدابير لمعرفة الأشخاص الذين احتكّ بهم، وطلب منهم حجر أنفسهم منزلياً للفترة المطلوبة، حتى تظهر العوارض في حال انتقال العدوى إلى أحدهم، أشار نمر لـ”المدن” إلى أنه جرى التواصل مع قيادات أجهزة الأمن العام، وأمن الدولة ومخابرات الجيش، لمطالبتها بحجر الرقيب الأول في المستشفى، خصوصاً، كما قال: “إننا نعيش في مجتمع عشائري، يكثر من الاجتماعيات، وينقصه الوعي، ويفتقد قدرة الصمود الاقتصادية في مواجهة وباء كهذا الوباء”.
إلا أنه في البقاع الأوسط لا مستشفيات حكومية أو خاصة حتى الآن يمكن أن تستقبل الرقيب المصاب، أو أي مريض كورونا، بإنتظار إستكمال تجهيز مستشفى الياس الهراوي الحكومي، الذي تتحدث المعلومات عن إفتتاح قسم الكورونا الخاص به في منتصف الأسبوع المقبل، وذلك بعد أن تأمن أيضاً جهاز الـ PCR المطلوب لإجراء التحاليل داخل المستشفى.
PCR في مستشفى خاص
قبل يومين نُقلت سيدة من مدينة زحلة إلى مستشفى “دار الأمل” في بعلبك، بعدما اشتبه بإصابتها بفيروس كورونا. نتيجة الاختبار في المستشفى المذكورة جاءت سلبية، وصدرت كاختبار أول تجريه مستشفى بقاعية، بعدما كانت تحاليل الحالات التي يشتبه بها في محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع، تُجرى كلها في مستشفى رفيق الحريري ببيروت.
ووفقا لعلام، يضم المبنى المستقل عن المستشفى، والمخصص لكورونا، سبع غرف تستقبل الحالات التي تحتاج لعناية، إضافة إلى 7 غرف أخرى، يمكن لكل منها أن تستقبل مريضين من الحالات التي لا تعاني من عوارض مرضية صعبة. لكن هذه الغرف كلها لا تزال غير مشغولة حتى الآن، حسب علام.
وجُهز المستشفى بقسم لمبيت الطاقم التمريضي، الذي سيتناوب عليه – وفقا لخطة المستشفى – الممرضون والممرضات، ولن يُسمح لهم بمغادرة المستشفى إطلاقاً طوال 14 يوماً، على أن يخضع كل طاقم تنتهي مناوبته لفترة حجر منزلي إلزامي، قبل عمله مع المرضى مجدداً في مناوبة أخرى.
نقص في التجهيزات
في المقابل لا تبدو هذه الجهوزية مكتملة في مستشفى بعلبك الحكومي، على الرغم من أن وزير الصحة افتتحه رسمياً قبل نحو أسبوع. يكمن سبب التأخير الأساسي في عدم توفر جهاز فحص كورونا في المستشفى حتى الآن، علماً أن وزير الصحة تبرع به شخصياً من مختبره الخاص الذي يملكه في بعلبك.
لكن الشركات التي تدير تجهيزات الفحص – وفقا للمعلومات – لم تتمكن من إيجاد تحاليل مخبرية مطابقة له، ما فرض على المستشفى توقيع عقد استيراد لجهاز PCR جديد، لا يتوقع وصوله قبل 7 نيسان الجاري، لتشغيله في 10 نيسان، أي بتأخير نحو 5 أيام عن الموعد المرجح لتشغيل مستشفى الياس الهراوي الحكومي في زحلة بعد اكتمال تجهيزه.
بعلبك الحكومي
في هذه الأثناء تشير مصادر مستشفى بعلبك الحكومي، إلى تفريغه كلياً من الأقسام التي كانت تشغله، وتخصيصه لمرضى كورونا حصراً.
في المرحلة الأولى سيبدأ المستشفى باستقبال المرضى في طبقة واحدة مجهزة بـ 6 أسرة للعناية الفائقة، و22 سريراً للحالات التي لا تحتاج للعناية، 4 منها مفردة و18 مزدوجة، على أن تفتح الطبقة الثانية بعدد مشابه من الأسرة، إذا فرضت ظروف تفشي الوباء ذلك. ويضم الكادر الطبي طبيبين للأمراض الجرثومية، وممرضات وممرضين بعضهم من الكادر الحالي، وآخرون من الناجحين قبل سنتين في مجلس الخدمة المدنية، وسمحت وزارة الصحة بتوظيف ثمانية منهم.
ومع أن المستشفى لم يبدأ بعد بإجراء فحوص PCR، فإنه يتعاطى مع كل حالة مشتبه بها باعتبارها مصابة إلى أن يثبت العكس.
الفحوص سلبية كلها
واللافت أن أي من الحالات التي نُقلت إلى المستشفى بعد الاشتباه بإصابتها بكورونا، لم تأت نتيجتها إيجابية.
وهذا – وفقا لمصدر طبي في المسشتفى – علامة إيجابية في المجتمع البعلبكي الذي وضع في دائرة “المراقبة” الحثيثة منذ اللحظة الأولى، وخصوصا أن عدداً كبيرا من أبناء المنطقة كانوا في عداد الرحلة التي نظمها حزب الله لعائلات شهدائه إلى مدينة قم الإيرانية. ووفقاً للمصادر، تعامل حزب الله بحزم مطلق مع العائدين. ففرض عليهم حجراً منزليا متشدداً، ساهم في التخفيف من انتشار الفيروس في المجتمع البعلبكي.
جهوزية حزب الله
لا يختلف سلوك حزب الله مع بيئته البعلبكية، عن باقي مناطق نفوذه السياسي، سواء في الضاحية أو في الجنوب. وتتحدث أوساطه عن جهوزية هيئة إدارة الكوارث في البقاع بعدد كبير من مراكز العزل، لاحتواء المصابين إذا تفشى المرض. وتشرح تلك الأوساط الحزبية، أن عمل الهيئة يغطي مناطق انتشار الحزب ومناصريه، بدءاً من ضهر البيدر حتى الحدود الشرقية مع حمص، حيث وضعت الكوادر الحزبية في حال تأهب في هذه المراكز.
وكانت قيادات حزبية قد أبدت رغبة في استعراض هذه الجهوزية إعلامياً، أسوة بسائر المناطق، ولكنها أجلت الأمر كي لا تتسبب بحالة ذعر، في منطقة لا تزال تعتبرها بعيدة عن انتشار الفيروس.