لقاء بعبدا قائم حتى إشعار آخر

5 مايو 2020
لقاء بعبدا قائم حتى إشعار آخر

منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، عقد في قصر بعبدا  لقاءان للاقطاب الاساسية بالبلد، تحت عناوين سياسية او انتخابية او اقتصادية – مالية، ففي العام 2017 اجتمع في القصر الجمهوري رؤساء الأحزاب التي كانت مشاركة يومذاك في حكومة الرئيس سعد الحريري بدلاً من رؤساء الكتل النيابية، وفي ايلول من العام 2019 التقى رؤساء الاحزاب والكتل النيابية في قصر بعبدا بحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لدرس اجراءات الحكومة ومجلس النواب لمعالجة الاوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، علما ان هذا الاجتماع عقد قبل 44 يوما من انتفاضة 17 تشرين الاول الماضي.

هذه اللقاءات، بالنسبة لأوساط سياسية محايدة لـ”لبنان24″  لم تبلور مفاهيم جديدة حيال معالجة الازمات المتراكمة منذ التسعينيات حتى اليوم، فالملفات موضع الخلافات لا تزال محل اشتباك بين المعنيين، وبالتالي فان تلك اللقاءات اسوة بلقاءات بعبدا في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان او طاولات حوار عين التينة، لم تفلح في تقديم العلاج الحقيقي للامراض المستعصية والمزمنة التي يتخبط بها لبنان، وجل ما في الامر ان الاجتماعات انتهت بتشخيص الحاضرين لمكامن المعضلات القائمة وطرحهم تصورات لحلول تدور في فلك مصالحهم، بدليل أن الصراعات لا تزال على أشدها حيال الصلاحيات وما يدور في فلكها بين المعنيين.

قبل ساعات قليلة من لقاء بعبدا المرتقب يوم غد لرؤساء الأحزاب والكتل النيابية الذي سيترأسه الرئيس عون، تؤكد مصادر رئاسة الجمهورية لـ”لبنان24″ أن الاجتماع قائم حتى إشعار اخر ولن يرجئ إلا إذا طرأت قوة قاهرة لم تكن في الحسبان؛ قائلة لا داعي للتأجيل طالما أن الرئيس عون أبلغ المعنيين موقفه لجهة أن يكون الحضور محصورا إما برئيس الحزب شخصيا أو برئيس الكتلة البرلمانية؛ وعليه فإن من يتعمد الغياب  من دون عذر عليه أن يتحمل مسؤولية عدم المشاركة في عملية انقاذ لبنان، مع الاشارة في هذا السياق الى ان الرئيس نجيب ميقاتي اعتذر عن الحضور وابلغ المعنيين في القصر بذلك لارتباطه بمواعيد مسبقة لا تحتمل التأجيل،  واعلن مشاركة كتلة الوسط المستقل  عبر النائب نقولا نحاس، بيد انه تبلغ اليوم من دوائر رئاسة الجمهورية بالقرار، ان الدعوة شخصية فاعتذر عن المشاركة.

قد يكون لقاء بعبدا جزءا من حاجة اللحظة، لاحراج المعارضة ايجابيا بهدف تأمين مظلة للحكومة ظاهرها نيابي باطنها سياسي، مظلة تفتدها حكومة الرئيس حسان دياب بخطتها الحالية المحفوفة بالمخاطر ولتحصين واقع الحكومة التفاوضي مع صندوق النقد الدولي بأكبر دعم سياسي ممكن.

رمى الرئيس عون بدعوته الحجة على الاخرين،على قاعدة أن الحكومة اتاحت لقوى المعارضة الفرصة لتكون شريكة  بمنظومة الحماية للبلد الذي يحتاج الى التكافل والتعاون والترفع عن الخلافات؛ تقول الاوساط السياسية نفسها. فخطوة رئاسة الجمهورية تحمل أبعاداً تكتيكية  تتصل بموقع بعبدا الذي يتسع للجميع، على قاعدة أن الرئيس عون مترفع عن النزاعات الداخلية ويمثل الضمانة الوطنية التي ينص عليها الدستور، ويحاول مواكبة الحكومة بقوة دفع غير متوفرة لها بداخلها، فضلا عن أنه يسعى إلى إضفاء الحيوية السياسية على موقع الرئاسة الاولى بما يتجاوز حراك 17 تشرين الأول وما رافقه.

ثمة من يقول إن حضور رئيس المجلس النيابي نبيه بري  ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية و ورئيس حزب القوات سمير جعجع( ثمة معلومات تشير الى انه سيحضر) قد يكون كافياً لإحداث نوع من الصدمة الايجابية ربطا بزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لبعبدا امس؛ وبالتالي فإن تقصد الحريري التغيب عن الاجتماع لن يصب في مصلحته على الاطلاق؛ مع اشارة مصادر بعبدا في هذا السياق الى ان جنبلاط اعتذر عن حضوره لاسباب صحية، وعن حضور رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط  الموجود في باريس، وتفهم  قرار بعبدا عن حضور ممثلين عن الكتل والاحزاب.

كاد المريب ان يقول خذوني، هكذا تعلق مصادر بعبدا على غياب الشيخ سعد، فهو اعتذر عن حضور جلسة تتصل بمناقشة الخطة الاقتصادية وإبداء الملاحظات عليها، وبملاحقة الأموال المنهوبة والمحولة. فلحسابات سنية ضيقة  لا يريد  الحريري أن يجلس ورئيس الحكومة حسان دياب على الطاولة نفسها وهذا شأنه، ومن هنا  يبرز تمايزه عن جنبلاط وجعجع، لكن محاولته الايحاء بأن قراره يصب في خانة مقاطعة العهد “فالامر كتير صعب عليه ومش قده”.

وليس بعيدا، تقول الأوساط المحايدة أن غياب الحريري يعبر عن أداء مستقبلي متخبط يفتقد إلى الرؤية الواضحة إن لجهة حمل راية المعارضة البناءة أو لجهة العودة إلى رئاسة الحكومة، خاصة أنه كان قد أبلغ حزب الله قبل استقالته، إستعداده لتشكيل حكومة جديدة إذا جرى التفاهم على الاستعانة بصندوق النقد الدولي ؛ هذا فضلا عن أنه لا يزال بعيدا عن الشاشة السعودية رغم محاولته بعث الرسائل للرياض والتي كان آخرها تلاوة الرئيس فؤاد السنيورة شخصيا البيان الذي صدر عقب اجتماع رؤساء الحكومات السابقين في بيت الوسط بالتوازي مع هجومه المستمر على العهد ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، علما أن الحريري نفسه لا يزال يحافظ على وصل إيجابي مع حزب الله  ولا يريد أي اشتباك سني – شيعي، فهو عندما يصوب على رئيس تكتل لبنان القوي لا يتعرض لحزب الله إلا لماما.