وقال المنلا في حديث لإذاعة “الشرق”: “أنا أصنّفها ضمن سلة من التمنيات إذا اجتمعت كل العوامل ربما تُحقّق في بعض جوانبها مجموعة أهداف، ولكن لغاية اليوم تعتبر تمنيات. وموقف تيار المستقبل منها واضح، وأعلنّا أن المكان الطبيعي لمناقشتها المجلس النيابي وليس قصر بعبدا، خصوصا أن مجلس الوزراء أقرّها، ولغاية اليوم لا نعلم ما الذي أقره”.
أضاف: “لنأخذ بعض التناقضات الموجودة بها حيث أقر مجلس الوزراء الخطة وتوقعاتها كلها تستند الى سعر صرف للدولار يبلغ 3500 لليرة في بداية الخطة وتنتهي بعد أربع سنوات بـ 4200. ثم عادت الحكومة لتقول إنه لن يتم تحرير سعر صرف الليرة، وقد أعلن وزير المالية هذا الأمر في اجتماع بعبدا”.
وتابع: “يبدو أن هناك بعض الأفكار التي وضعت على عجل والسبب الأساسي من إخراج الوثيقة هي “الوقت الضاغط” للتفاوض مع الدائنين ومع صندوق النقد الدولي. فخرجت المسودة الثانية لبرنامج التعافي أو الخطة بسرعة كبيرة، وكان من الأفضل لو أخذوا بعض الوقت لتكون الخطة متماسكة داخليا أكثر”.
وعن اعتراض “تيار المستقبل” عليها أوضح المنلا أنه “لدينا تحفّظات على كثير من البنود، إذ لا يمكن تسميتها خطة تعافي، فالإقتصاد اللبناني سيهبط بنسبة 50%، وهنا لا أفهم على ماذا بارك رئيس الحكومة للبنانيين؟. ومن المتوقع أن ينخفض الناتج وفق الدراسة من 60 مليار الى دون الـ26 مليار، معدلات التضخّم تفوق الـ100%، إزدياد البطالة فأكثر من نصف الشعب اللبناني العامل سيصبح عاطل عن العمل في العام 2024”.
وأردف: “أهداف النمو الإقتصادي والخروج من هذه الأزمة لم توضع بشكل جيد، ورئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان أثار الى حد ما نفس النقطة اليوم، ومن المفترض أن يكون الانتعاش الإقتصادي بوتيرة أسرع، وبالتالي على الحكومة أن تتّخذ سلة من الإجراءات بهذا المجال لتحفيز الإقتصاد، هناك ثغرات أساسية في هذه الخطة وصندوق النقد سيكون له رأي آخر عند الدخول في التفاصيل”.
وعن عدم تقديم “تيار المستقبل” ملاحظاته للمساعدة في تحسين الخطة وتحميل رئيسي الجمهورية والحكومة المسؤولية لجميع الأفرقاء في تعديلها والخروج بخطة مناسبة، قال المنلا: ”ليس المستقبل من بدّل موقفه من مسؤوليات وطنية، والكل يعلم أن الملف الإقتصادي تحديدا هو أهم ملف على الصعيد الوطني بالنسبة لتيار المستقبل لأنه يتعلّق بالأمن المعيشي ورفاهية المواطن اللبناني. ومنذ عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان هذا الملف أولوية”.
ومضى قائلا: “وهنا نسأل الرئيس حسان دياب أي رئيس حكومة كان يتكلّم في الأمس من بعبدا، فمنذ أسبوعين قال “سنضرب بيد من حديد”، وقبلها كان يريد إقالة حاكم مصرف لبنان من منصبه ويعتبر أنه تم تحميله “تركة” الـ30 عاما المنصرمة، وبالتالي هو ضحية فهل يطلب الضحية من الجلاد مشاركته بإعداد خطة إنقاذية؟. هناك تناقض في مواقف الرئيس دياب وعليه أن يّقرّر أي صفة يريد اتخاذها، إلاّ أنه سيلقى دائما على الصعيد الوطني فيما يتعلق بالملف الاقتصادي دورا إيجابيا من تيار المستقبل”.
وعن الازدواجية في طريقة تعامل فريق السلطة الحالية مع حكومة الرئيس سعد الحريري والحكومة الحالية وكيف كانت تتم سابقا وعلى مدى 30 عاما عرقلة أي مشاريع إقتصادية تنقذ البلد، قال المنلا: “لنأخذ مكونات هذه الخطة ما هو أهم عنصر بها وهم يكررونه بشكل دائم؟. ”مؤتمر سيدر” ومندرجاته التي تعني تصحيح مالي إصلاحات قطاعية وهيكلية وتحفيز القطاعات المنتجة والإستثمار بالبنى التحتية لتنشيط الإقتصاد، كل هذه المكونات هي الجزء الأساسي من خطة الحكومة الحالية، لذا على الحكومة أن تتواضع ولا تقول لأول مرة في تاريخ لبنان تعد خطة مالية لأن هذا الكلام غير صحيح، ماذا يعني هذا الكلام؟.. لا التاريخ إبتدأ معهم ولن ينتهي معهم. على الحكومة أن تقرّر أي مسلك ستأخذ وعلى الرئيس حسان دياب أن يقرّر ما إذا كان الضحية أو البطل إذ لا يمكنه لعب الدورين في وقت واحد”.
وردا على سؤال ما إذا كان مؤتمر “سيدر” كافٍ للنهوض باقتصاد لبنان، لفت المنلا الى أن ”احتياجات لبنان بأكثر من مجال، والخطة لا تعطي أي انطباع من أين سيأتي الـ”Fresh Money. فوزير المالية قال أمس إن الحاجات التمويلية من العملات الصعبة حسب ميزان المدفوعات وتوقعاته تبلغ 28 مليار دولار، هو يعتقد أن 10 مليار ستأتي عبر صندوق النقد وأنا أؤكد منذ الآن أن هذه المبالغ لن تأتي كقروض، و10 مليار أخرى من سيدر و8 مليار من أصدقاء لبنان. وباعتقادي هناك تفاؤل مفرط باستجابة المجتمع الدولي لهذا الكم من الاموال، كما أن أموال سيدر ليست لسد حاجات لبنان من العملات الصعبة بالتجارة والتعامل الدولي ولكن لتمويل مشاريع البنى التحتية، هذه المغالطات كلها يجب توضيحها”.
أما عن الوضع المالي المعقّد الذي وصل إليه لبنان وتحميل كل طرف الآخر المسؤولية عن ذلك، وعن تأثير حزب الله وموقعه في الحكومة اللبنانية بالنسبة للمجتمع الدولي، اعتبر المنلا أن “أمام الحكومة الحالية صعوبات ليس فقط من الناحية الإقتصادية، ويجب فتح حوار جدّي مع المجتمع الدولي بشأن واقع لبنان وكيف سيكون مستقبل العلاقة معه. ستجري معركة كبيرة بين المسؤولين في لبنان والمجتمع الدولي حول هذه النقطة”، مذكّرا بأن “الرئيس الشهيد وبعده الرئيس سعد الحريري خاضا الكثير من المعارك مع المجتمع الدولي حول هذه النقطة ولم تكن سهلة أبدا”.
وردا على سؤال عن المعارضة في لبنان وكأن “المستقبل” ترك وحيدا في هذا الإطار، قال المنلا: “هناك الكثير من التحفظات على المنطلقات الأساسية للحكومة والبعض ينسبها للعهد، ويبدو أن هناك محاولة من كل طرف للتوفيق بين المقتضيات الوطنية في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، والمعارضة بالسياسة “على القطعة” ومحاولة من الحكومة الحالية مدّ يدها للأطراف. والارجح أنه لن يكون هناك جبهة معارضة بالمفهوم التقليدي”.
وعن قراءته لزيارة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الى بعبدا ومشاركته باللقاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، قال المنلا: “كلام جعجع عن سبب مشاركته في اللقاء لم يقنعني، أما لناحية معارضته للخطة فهي في محلّها، لكن يبدو أن لديه بعض التقديرات الخاصة به لواقعه وبيئته حيث اعتبر أن هناك مصلحة للقوات بأن تكون ممثلة وهذا الأمر يعود إليه، ممكن أن يكون قد قدّر أن مصلحته السسياسية تقتضي حضور الاجتماع، نحن نختلف معه في هذا التقدير، وهو يعلم جيدا أن اجتماع الأمس كان حضور لأهل البيت وتكرار لما حصل في مجلس الوزراء”.