الهيمنة على رئاسة الحكومة بنظر الكثيرين ليست جديدة، بل هي بدأت قبل تسمية حسان دياب رئيسا مكلفا، حيث تشير المعلومات الى أنه خضع لأكثر من جلسة في قصر بعبدا إعتبرها البعض إختبارا، بما أساء الى موقع الكرسي الثالثة، وصادر في الوقت نفسه دور مجلس النواب الذي يناط به تسمية رئيس الحكومة، فضلا عن الاعلان عن هوية الحكومة وإختصاصها قبل أن يقدم دياب تشكيلته الى رئيس الجمهورية.
مع تشكيل الحكومة ونيلها ثقة مجلس النواب، لفت نظر اللبنانيين أن دياب لم يترأس مجلس الوزراء إلا نادرا، وأن أكثرية الجلسات كانت تعقد برئاسة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، وعندما بدأ دياب بترؤس مجلس الوزراء تحولت إجتماعاته الى أشبه بورش عمل تحضيرية تمهيدية للجلسات التي تعقد في بعبدا برئاسة الرئيس عون وتتخذ فيها القرارات، فإما أن تمحو بعبدا كلام السراي فتلغيه أو تعدله، أو تتعرقل البنود لأسباب سياسية أو كيدية أو تحاصصية، أو بناء على تهديدات من تيارات مشاركة في الحكومة بالانسحاب منها.
وفي هذا الاطار، لا يحتاج ملف معمل سلعاتا الى أي تفسير، فالحكومة برئاسة دياب صوتت ضده بأكثرية 16 وزيرا، مقابل 4 وزراء وإتخذ قرارا صريحا تم الاعلان عنه في وسائل الاعلام بأن معمل سلعاتا ليس أولوية وإنما الأولية هي للزهراني ودير عمار، أما الحكومة برئاسة ميشال عون فتراجعت عن القرار، وأعادت إحياءه، تحت شعار الالتزام بخطة الكهرباء التي تضمنها البيان الوزاري، وهي خطة الوزير جبران باسيل بحذافيرها والتي كانت تعرضت لانتقادات عدة أبرزها من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتشير المعطيات الى أن ملف العميل عامر الفاخوري قد تم الاتفاق عليه مع الأميركيين في قصر بعبدا ومن دون علم الحكومة التي لم تأخذ من هذا الملف سوى شكر ترامب، والغضب من اللبنانيين الذين شعروا بأن كرامتهم قد إنتهكت بانتهاك سيادة بلدهم وإخراج عميل للعدو الاسرائيلي بطريقة أقل ما يقال فيها أنها مهينة.
ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يرى متابعون أن زيارات أكثرية الوزراء الى قصر بعبدا بشكل إسبوعي لوضع الرئيس عون في تفاصيل عمل وزاراتهم وأخذ التوجيهات، يشكل إنتقاصا من حضور رئيس الحكومة الذي تقضي صلاحياته بأن يتابع كل التفاصيل المتعلقة بالوزراء وبوزاراتهم، كما أن قيام رئيس الجمهورية بالدعوة الى لقاء من أجل مناقشة ورقة إصلاحية كانت الحكومة ناقشتها وأقرتها، فهو أيضا يشكل إستخفافا بقراراتها أو إنعدام ثقة بها، وهو امر لا يليق برئيس الحكومة ولا بصلاحياته ولا بإتفاق الطائف الذي أعلن المكتب الاعلامي في رئائة الجمهورية أن الرئيس عون مؤتمن وحريص عليه، في حين قال أحد نواب التيار الوطني الحر خلال الاستعداد لانتخابات 2018: “إن الرئيس ميشال عون إستطاع تعديل إتفاق الطائف بالممارسة والفعل لا بالنصوص، وهو فرض هذه التعديلات بشخصيته القوية وبفضل العهد القوي، لذلك إنتخبوا تيار العهد القوي”.
فهل رد المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية على هذا الكلام؟!..”.