تشكّل سوريا نقطة التحوّل في سياسة المنطقة، فهي حلقة وصل المحور الإيراني وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد يعني توجيه صفعة كبرى إلى إيران، التي ستخسر أهم حليف استراتيجي لها ما سيزيد من حصار “حزب الله”.
ويترقّب الجميع في لبنان ما سيؤول إليه مسار المفاوضات الأميركية – الروسية التي وضعت على نار حامية، بحيث تؤكّد مصادر ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” أن “هناك تغيرات كبيرة ستحدث على مستوى سوريا والمنطقة، لكنها ما زالت تحتاج إلى بعض الوقت، والأكيد أن الأميركيين والروس هم الأكثر إستفادة، في حين أن الدور الإيراني سيتراجع بنسبة كبيرة جداً”.
ولطالما شكّل لبنان منصة أو ساحة لتقاسم النفوذ الإقليمي والدولي، واستغلّت إيران تساهل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما لتعزز نفوذها في لبنان والمنطقة عبر “حزب الله”، فيما حاولت أوروبا، وعلى رأسها فرنسا، لعب أدوار متنقّلة من دون أن تحدث خرقاً ما في الساحة اللبنانية.
وتؤكّد مصادر ديبلوماسية أنه في ظلّ احتدام الصراع بين واشنطن وطهران فإن كل الأدوار التوفيقية تغيب، فالمنطق الأوروبي ليس صدامياً مثل سياسة الرئيس دونالد ترامب، وتبحث “القارة العجوز” دائماً عن حلول وسطية تجنّب لبنان والجوار المواجهة، إنطلاقاً من حرص فرنسا التاريخي على لبنان واعتباره نقطة نفوذها الأساسية وربما الأخيرة في الشرق الأوسط.
محاولات عدّة جرت في السنوات الأخيرة لانتزاع الأوروبيين دوراً في لبنان والمنطقة، ولا شكّ أن مؤتمرات بروكسل للنازحين وروما لدعم الجيش إضافةً إلى مؤتمر “سيدر1” أخيراً، كلها تأتي في سياق تعزيز الحضور الأوروبي في لبنان ومحاولة مساعدته لتجاوز أزماتها.
ويُنقل عن أحد السفراء الأوروبيين قوله إنّ حجم الصدام الدائر في المنطقة واحتدام الصراع الأميركي – الإيراني، ورغبة ترامب الأساسية في القضاء على النفوذ الإيراني وإعادة طهران إلى حجمها الطبيعي، عوامل تخفف من الإندفاعة الأوروبية تجاه لبنان.
وتفيد معلومات أن الأوروبيين إكتشفوا من خلال تواصلهم مع الإدارة الأميركية، أن الأخيرة جادة في مسألة فرض العقوبات على إيران وسوريا وضمناً على “حزب الله”، وأن هذه المعركة للرئيس ترامب لا يريد أن يخسرها، وبالتالي فإن هذا المعطى الجديد سيؤدّي حكماً إلى تراجع أوروبي في لبنان، لأن واشنطن تدخل المعركة بالمباشر ولا مجال للتراخي في ظل احتدام المواجهة.