باسيل يخاصم ‘حزب الله’ تكتيكًا… ‘قيصر’ خلف الباب!

17 يونيو 2020
باسيل يخاصم ‘حزب الله’ تكتيكًا… ‘قيصر’ خلف الباب!

لم يصدّق الذين يعرفون مدى عمق العلاقة الوطيدة، التي تربط رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل بـ”حزب الله”، أن ثمة أزمة بينهما، أو أن العلاقات بين “الحليفين” تقف على حافة المهوار، أو هي مترنحة وغير سوية. والدليل إلى صحّة ما يقوله هذا البعض، وإن غابت عنهم بعض التفاصيل، أن لا شيء تغيّر في السياسة الإستراتيجية التي تجمع بينهما، وهي الغالبة على ما عداها من مواضيع وقضايا ثانوية تدخل في مضمار التكتيكات التفصيلية، يحيث لا يمكن أن تؤثر التباينات في وجهات النظر على الجوهر، أيًّا تكن هذه التباينات، ولو في ظاهرها، عميقة ومتجذرة.


لدى بعض الذين يرون أن لا شيء يمكن أن يؤثرّ على العلاقة بين باسيل و”حزب الله” نظرية تعتمد على مبدأ “الغاية تبرّر الوسيلة”، وذلك عندما تُعرف الأسباب تنتفي التساؤلات. والأسباب هنا معروفة ولا تحتاج إلى كثير من البحث والتدقيق، وهذا ما تبلغه باسيل من الأميركيين، إما في شكل مباشر وإما مواربة أو تلميحًا، بأن واشنطن لا تمزح في الأمورالتي لها علاقة بأزمة المنطقة، خصوصًا بعدما دخل “قانون قيصر” مفاعيل التنفيذ.

فباسيل الذي سمع هذا الكلام يعرف متى “يقطش قريعة”، ويعرف أيضًا كيف ومتى عليه أن ينحني أمام العاصفة، حتى ولو إضطرّه الأمر إلى تغيير نمطية معينة في علاقاته الداخلية والخارجية، لأن عينه على إستحقاق خريف 2022، وهو الخبير في مدى التأثير الخارجي على هذا الإستحقاق، على رغم أهمية الدور الذي يلعبه الداخل، وبالأخص “حزب الله”، الذي يُعتبر “بيضة القبان” لجهة تأمين الظروف الموضعية للإنتخابات الرئاسية، وهذا ما بدا واضحًا من خلال تجربة الإنتخابات الأخيرة، التي تعطّلت سنتين ونصف السنة حتى كان ما طالب به “حزب الله”، والذي على اساس هذا الموقف أوتي بالعماد عون رئيسًا للجمهورية.

في التكتيك كل شيء مسموح بالنسبة إلى باسيل، وهو يعرف مكانته لدى “حزب الله” ويعرف كيف يتدلل، لأن الحزب غير بعيد عن الأجواء التي يعيشها باسيل، وغير بعيد عن الكلام الأميركي، وهو على هذا الأساس يتفهّم كل خطوة يمكن أن يقوم بها حليفه من أجل حفظ رأسه، إذ أن أي محاولة من الأميركيين قد تطال باسيل وغيره من “التيار” قد يكون لها تأثيرات سلبية على وضعية الحزب، ولذلك لم يعطِ الحملة التي شنتهّا عليه قيادات من “التيار”، وذلك إيمانًا منه بأن الظرفيات لا يمكن أن تؤثر على الجوهر، الذي يبقى بالنسبة إليه الأساس، الذي يعّول عليه في المستقبل، الذي بات بالنسبة إلى البعض أقرب من قريب، وعليه فإن باسيل يتصرّف وكأن سنة 2022 هي وراء الباب، ويجب ألا يكون عامل الوقت عنصرًا محبطًا بالنسبة إلى حلمه الأكبر، الذي من أجله ترخص التضحيات وتُبرَر الوسائل والأساليب المعتمدة حتى الآن، والتي ستعتمد في المستقبل، ومن ضمنها السير بين النقاط في”هدنات” تكتيكية مع مختلف الأطراف، التي سيكون لها تأثير ما في الإستحقاق الرئاسي، بإستثناء “القوات اللبنانية” وتيار “المردة”.

وباسيل الذي خبر ما في خفايا الحياة الدبلوماسية يوم تسلمّ وزارة الخارجية والمغتربين يعرف مدى إنعكاس مفاعيل “قانون قيصر” على الوضع اللبناني، وبالأخص على “حزب الله” وحلفائه، وهو واحد منهم، الأمر الذي يفرض التعاطي مع الوقائع بكل جدّية وحذر.