حزب الله لن يستسلم للعقوبات والجوع.. ويتحضر للردّ

يعلم الحزب المقاتل في سوريا أن إسرائيل تريد تحجيم نفوذه في سوريا وانكفائه إلى لبنان

1 يوليو 2020
حزب الله لن يستسلم للعقوبات والجوع.. ويتحضر للردّ
منير الربيع
منير الربيع
دخل لبنان كلّه في المياه الساخنة. لم تعد يدا حزب الله وحده في النار، أيدي الآخرين غاطسة في الماء المغلي. فالضغوط الأميركية على لبنان وصلت إلى ذروة يصعب التراجع عنها، إلا بتسوية دولية إقليمية كبيرة.

حزب الله وحكومته
لكن احتمال التسوية غير متوفر قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومشكلات المنطقة كلها معلّقة عليها. وحزب الله يترقب المزيد من الضغوط الأميركية والدولية على لبنان.


فمساعي بعض الدول في محاولة اجتراح حلول وسط لمساعدة لبنان لم تنجح.

 


وذلك يعني أن الضغط الأميركي أكبر من أي مبادرة أو مسعى. وحزب الله في هذه الحال يحدد موقفه من الوضع اللبناني الراهن بتوجهات ثلاثة: لا حرب إسرائيلية، لا مواجهات في الداخل، والعمل على تحصين هذا الداخل سياسياً لمواجهة العقوبات والضغوط المتعددة والمتصاعدة.

لذا، يتوقع الحزب إياه المزيد من الضغوط والانهيارات والعقوبات. أما حكومة حسان دياب فمستمرة. وعندما سئل دياب نفسه في غضون اليومين الماضيين عن احتمال استقالته لتشكيل حكومة جديدة، أجاب: “أنا باق في مكاني ولن أتزحزح. ولا بوادر لحلّ الأزمة.

ولو كنت أعلم أن استقالتي ستوقف الانهيار وتخفّض سعر الدولار، لما بقيت ساعة واحدة في موقعي”.


كلام دياب واضح: بقاؤه من بقاء الأزمة. هو يعلم – وربما قِيل له – أن لا بديل عنه في هذه المرحلة.


رئاسات الحزب الثلاث
يعتبر حزب الله أن الحكومة باقية إلى ما بعد الانتخابات النيابية في العام 2022. وطروحات إسقاطها واستبدالها غير قائمة عنده. وكذلك طروحات إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

فهو يعلم أن الضغوط كلها تستهدفه وتستهدف وضع قبضته على خناق الدولة اللبنانية. لكنه يجزم بأنه لن يضحي بمكتسبات سياسية حققها في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى هيمنته على الرئاسات الثلاث في لبنان. لذا لن يقدم على أية خطوة قد تبدد هذه المكتسبات: لن يضحي بالرئاسة الأولى، ولا بالحكومة. والثنائي الشيعي خطّ أحمر، وعصيّ على أي محاولة اختراق أو زرع شقاق.

انهيار لبنان
ويتجنب حزب الله الدخول في معارك سياسية داخلية مع أي طرف. يعلم أن هناك محاولات كثيرة لإبعاد حلفائه عنه، وخصوصاً التيار العوني والرئيس نبيه برّي. أما محاولات إشغاله في صراعات سياسية ومناطقية لإضعافه، في سياق الضغط الأميركي، فثمة قرار صارم اتخذه بعدم انجراره إلى مثل هذه الأفخاخ.

لن يعمل حزب الله على توتير الأجواء الداخلية. ولن يذهب إلى حرب خارجية. هو يعلم أنه في موقع دفاعي، ولن يلجأ إلى شن أية عملية عسكرية هجومية. ولكنه جاهز ومستنفر في حال حصول أي اعتداء إسرائيلي.

ويعلم الحزب المقاتل في سوريا، أن إسرائيل تريد أموراً أربعة أساسية: تحجيم نفوذه في سوريا، انكفاؤه إلى لبنان، تفكيك صواريخه الدقيقة، وترسيم الحدود.

ويعتبر الحزب أن إسرائيل لو كانت تستطيع استهداف صواريخه الدقيقة وتدميرها لما تأخرت. وبما أنها غير قادرة على ذلك، تضغط لتحقيق هذا الهدف سياسياً، كما في ملف ترسيم الحدود.

مأزق عون وباسيل
حصل أن طالب ميشال عون بتوليه مسألة ترسيم الحدود، متذرعاً باستعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية. لكنه أُبلغ بالرفض، وأن الملف في عهدة الرئيس نبيه بري.

ويعلم حزب الله أن المشروع الأساسي لدى رئيس الجمهورية هو إيصال صهره إلى كرسي رئاسة الجمهورية. وهو يعلم أيضاً أن الرجلين يتعرضان إلى ضغوط أميركية انطلاقاً من هذه الزاوية، وبسبب علاقتهما الحسنة بالحزب وتعاونهما معه. ويعلم حزب الله ثالثاً أن باسيل يبحث عن فرص لتحسين علاقته بالأميركيين.

وإذا كان ميشال عون قد ارتكز على اتفاق إيراني – أميركي، وتفاهم شيعي – سني في لبنان، للوصول إلى رئاسة الجمهورية، فالمعادلة اختلفت اليوم. لكن عون وباسيل لا يزالان  يعتبران أن حزب الله إلى جانبهما و”في جيبهما”. أما خسارتهما السنّة فيراهنان على تعويضها بعلاقتهما مع الأميركيين.

وربما هما مدركان أنهما سيصلان إلى مفترق أساسي: استحالة استمرارهما في اللعب على الحبلين، وضرورة اختيارهما في أي خندق سيقفان: خندق حزب الله أم في الخندق الأميركي؟

وحدة المسار والمصير
يستبعد حزب الله حصول تطورات عسكرية دراماتيكية مع العدو الإسرائيلي. ولكنه مقيم على الترقب والحذر والاستعداد. وهو يستبعد أي سيناريو أمني أو استخباري خارجي يتعلق بتنفيذ عملية عسكرية تستهدفه. فإسرائيل لم تكرّر استهدافها شخصيات وقيادات الحزب في لبنان، والأميركيون ليسوا في هذا الوارد، وهم لم يقدموا على ذلك من قبل. وفي حال حصول عملية من هذا النوع، الحزب جاهز لرد عنيف.

لكن حزب الله يؤكد أنه لن يسكت عن الضغوط والعقوبات. لديه جملة خطوات مطروحة ومتاحة للرد عليها لتجنّبها. لكن حزباً مثله لا يفصح عن مثل هذه الخطوات، مؤكداً أنها ليست أمنية ولا عسكرية.

وقد تكون سياسية وعملية: كالإصرار في البداية على الانفتاح على سوريا الأسد، وتطبيع العلاقات وفتح الحدود معها على نحو كامل. وذلك رداً على العقوبات والحصار وقانون قيصر. وأي قرار سياسي من هذا النوع تتبعه قرارات وخطوات أخرى تدعمه.

الحريري متفرجاً
أما سعد الحريري فمن مصلحته أن يقف متفرجاً على عهد ميشال عون فيما هو يترنح وينهار. ويراهن الحريري على ندم كبير ينتاب عون وصهره باسيل على استعدائه، ويتوقع – ساعة لا يعود ينفع الندم – دفعهما ثمناً سياسياً باهظاً.