رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته في قدّاس الأحد الذي أقيم في المقرّ البطريركي الصيفي في الديمان أنّ “أسوأ ما نشهده اليوم عندنا هو أن معظم الذين يتعاطون الشأن السياسي، لا يعنيهم إلا مكاسبهم الرخيصة ومصالحهم وحساباتهم، وحجب الثقة عن غيرهم، وإدانة الذين يتولون السلطة في المؤسسات الدستورية”.
وأضاف: “الأكثر ضررًا انهم يعملون جاهدين على أن يكون الولاء لأشخاصهم ولأحزابههم، لا للبنان. إنهم بكل ذلك يتسببون بحرمان لبنان من ثقة الاسرتين العربية والدولية، على الرغم من قناعة هذه الدول بأهمية لبنان ودوره وإمكاناته وقدرات شعبه”.
وأشار إلى أنّه “يبدو أنّ هؤلاء السياسيين يريدون بذلك إخفاء مسؤوليتهم عن إفراغ خزينة الدولة، وعدم إجراء اي إصلاح في الهيكليات والقطاعات، كما طالبت الدول التي تلاقت في مؤتمر باريس المعروف بـ”سيدر” في شهر نيسان 2018. لكنهم توافقوا بكل أسف على نهج المحاصصة وتوزيع المكاسب على حساب المال العام. فكان ارتفاع منسوب الفقر والبطالة والفساد والدَّين العام بالشكل التدريجي حتى كان الانفجار الشعبي مع ثورة 17 تشرين الاول 2019 التي ما زالت نارها مشتعلة، فيما المسؤولون السياسيون غير معنيين، ويراهنون على انطفائها، وهم مخطئون. “فالجوع كافر” كما كتب أحد المنتحرَين أوّل من أمس. فكانت هذه وصمة عار أخرى على جبين الوطن. وما يؤسف له بالأكثر أنّ المسؤولين السياسيين، من مختلف مواقعهم، لا يمتلكون الجرأة والحرية الداخلية للالتقاء وايجاد السبل للخروج من اسباب معاناتنا السياسية التي هي في أساس أزماتنا الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية”.
وقال: “نتساءل بمرارة: مذ متى كان الإذلالُ نمطَ حياةِ اللبنانيّين؟ فيتسوّلون في الشوارع، ويَبكون من العَوز، ويَنتحرون من الجوع؟ أوَتدركون أيها المسؤولون السياسيون الجرم المقترف: فلبنانُ جامعةُ الشرقِ ومدرسته تُغلَقُ جامعاتُه ومدارسُه وتنحطّ عزيمتها، ولبنان مُستشفى الشرق تُقفَل مستشفياتُه ويتعثّر تطوّرها؟ ولبنان السياحة والبحبوحةُ والازدهارُ تعاني فنادقه من الفراغ وتُحتجز أموال الشعب في المصارف؟ هل لبنانُ الفكر والنبوغ والنهضة يُحجَّم ويُحوَّل إلى ملكيّة خاصّة تُصادره طبقةٌ سياسيّةٌ وتَتصرّف به على حساب المصلحة العامّة؟ أيريدون لهذا الشعبِ أن تُركّعَه لقمةُ الخبز؟ لا، فكما أنّه لم يَركع أمامَ أيِّ احتلال، لن يركع اليوم. ونحن لن نَسكت على ما يجري. هذا الوطن هو ملك بنيه وهم مصدر سلطاته”.
وشدّد على أنّ “ثورة شعبنا المذلول والجائع والمحروم من أبسط حقوقه الأساسية تستحقّ الحماية الأمنية لا القمع. الخطرُ على لبنان ليس من شبابِه وشابّاتهِ لكي يُردَعوا ويُعتقلوا. فَــتِّشوا خارج الثورة عن المخرِّبين ومُهدِّدي الأمنِ القوميّ اللبناني، والمتطاولين على الجيش والشرعيةِ والمؤسّسات، ومُعطّلي الدستور والاستحقاقات الديمقراطيّة ومن وراءهم. الثوّار بناتُنا وأبناؤنا. هم زَخمُ التغيير وأملُ المستقبل. نحن نريدها تكرارًا ثورة حضارية لا يكون ضحيتها الشعبُ في مصالحه وتنقلاته اليومية، بل نريدها أن تحترم الأصول القانونية للمظاهرات، وتكون صاحبة رؤية بنّاءة”.
وناشد الراعي رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون “العمل على فكّ الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحرّ”، طالباً “من الدولِ الصديقةِ الإسراعَ إلى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرّضَ لخطر”.
وقال: “نتوجّه إلى منظَّمة الأمم المتّحدة للعمل على إعادةِ تثبيتِ استقلالِ لبنان ووحدتِه، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلانِ حياده. فحيادُ لبنان هو ضمانُ وِحدته وتموضعه التاريخيّ في هذه المرحلةِ المليئةِ بالتغييراتِ الجغرافيّةِ والدستوريّة. حيادُ لبنان هو قوّته وضمانة دوره في استقرار المنطقة والدفاع عن حقوق الدول العربية وقضية السلام، وفي العلاقة السليمة بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا بحكم موقعه على شاطئ المتوسّط”.
وقال: “نتوجّه إلى منظَّمة الأمم المتّحدة للعمل على إعادةِ تثبيتِ استقلالِ لبنان ووحدتِه، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلانِ حياده. فحيادُ لبنان هو ضمانُ وِحدته وتموضعه التاريخيّ في هذه المرحلةِ المليئةِ بالتغييراتِ الجغرافيّةِ والدستوريّة. حيادُ لبنان هو قوّته وضمانة دوره في استقرار المنطقة والدفاع عن حقوق الدول العربية وقضية السلام، وفي العلاقة السليمة بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا بحكم موقعه على شاطئ المتوسّط”.