كتبت “الأنباء” الالكترونية: كل المؤشرات المحيطة بالحراك الذي يجريه رئيس مجلس النواب، نبيه بري، توحي بأن مشاورات تشكيل الحكومة العتيدة تسير على نار حامية، وأن بري والرئيس ميشال عون حدّدا نهاية هذا الشهر كمهلةٍ لتسمية الرئيس المكلّف، بعد أن يكون رئيس الجمهورية قد حدّد الاستشارات النيابية الملزمة، فيما يتولى بري الاتصالات مع رؤساء الكتل النيابية للتباحث معهم في الوضع الحكومي، والاتفاق على تسمية رئيس جديد للحكومة.
وبعد الموقف اللّافت للمسؤول الأميركي، ديفيد هيل، الذي لمّح بشكل غير مباشر إلى عدم ممانعة بلاده وجود حزب اللّه في الحكومة، سُجّل دخول روسي على الخط اللبناني مع تسجيل سلسلة اتّصالات أجراها المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، بقياداتٍ لبنانية.
مصادر عين التينة كرّرت الإشارة عبر “الأنباء” إلى أنّ “بري، ومن قبل أن تتشكل حكومة حسان دياب، كان متمسكاً بترشيح سعد الحريري، لكنه فوجئ باعتذاره عن قبول التكليف، وعلى هذا الأساس سار بدياب. لكن تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، وجائحة كورونا، وفشل الحكومة بالإنقاذ زادت بري إصراراً بعد استقالة الحكومة على تسمية الحريري، خاصةً بعد أن رأى بأمّ العين حجم الدمار الهائل الذي خلّفه انفجار المرفأ، لكنه لم يشأ مفاتحة أحد بهذا الأمر بانتظار أن تنطق المحكمة الدولية بحكمها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والموقف المسؤول الذي عبّر عنه الحريري عقب صدور الحكم، وهو ما زاد بري قناعةً بضرورة تكليفه تشكيل الحكومة“.
واستناداً إلى ذلك، أضافت مصادر عين التينة، أن “بري أدار محرّكاته باتجاه القصر الجمهوري لوضع الرئيس عون بالأجواء”، مشيرةً إلى أن، “عون ليس بعيداً عن خيار تسمية الحريري لأنه يدرك تماماً المأزق الكبير الذي كانت تواجهه الحكومة المستقيلة، ما ضاعف من حجم الأزمة على كافة الصُعد الاقتصادية، والمالية، والمعيشية، والصحية. لكن عون يريد للعلاقة مع الحريري أن تعود إلى ما كانت عليه في بداية العهد، وليس كما بلغته بعد انتفاضة 17 تشرين، وأدّت إلى فرط التسوية بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وما استتبع ذلك من مواقف وتصريحات وسّعت الفجوة بينهما“.
وأفادت مصادر عين التينة أن، “بري أبلغ عون أن ظروف تشكيل الحكومة بعد انفجار المرفأ مختلفة كلياً عما قبله. فالبلد اليوم بكارثة، ويحتاج إلى حكومة إنقاذ تأخذ على عاتقها إعادة الإعمار، والتعويض على المتضررين”، لافتةً إلى أن “بري قد يلتقي الحريري خلال الـ48 ساعة المقبلة، وسيكون موضوع تشكيل الحكومة، بطبيعة الحال، محور اللقاء وحيث يأمل بري أن يتمكّن من إقناع الحريري بقبول تشكيل حكومة سياسية، أو على الأقل في الوقت الحاضر، بقبول التكليف وبعدها تسهّل عملية التأليف“.
ولهذه الغاية سيلتقي بري أيضاً رئيس تكتل لبنان القوي، النائب جبران باسيل، في الساعات المقبلة استكمالاً للقائه بعون، ولتذليل بعض العقبات أمام مهمة تشكيل الحكومة وتدوير الزوايا.
من جهتها، أبلغت مصادر تيار المستقبل “الأنباء” أنه “لا يجب الحديث عن تشكيل حكومة سياسية برئاسة الحريري يشارك فيها حزب اللّه من دون أن يسلّم سليم عياش، المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري”. وسألت المصادر: “كيف يطرحون اسم الحريري لتشكيل حكومة، والوزير السابق بيار رفول يطالب باعتذار الحريري من باسيل؟“
مصادر “المستقبل” أكّدت أن، “لا أحد ضحّى من أجل لبنان كما ضحّى آل الحريري، ومع ذلك يطلبون منّا الاعتذار. فاذا كان البعض يظن أن ّ إنقاذ لبنان بهذه الطريقة فمبروك عليهم الحكومة ومن فيها، وليشكّلوها على غرار حكومة حسان دياب“.
عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائب وهبة قاطيشا، أوضح لـ”الأنباء” أن موضوع الحكومة لم يتم التطرق إليه في اجتماع التكتل أمس، وطالما لم يحدّد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية فمن السابق لأوانه الحديث عن التشكيل، واسم الرئيس المكلّف.
قاطيشا أشار إلى أن “التكتل منذ لحظة استقالة وزرائه من حكومة الحريري كان رأيه أن لا أحد ينقذ البلد إلّا حكومة اختصاصيين حيادية، لأن حكومات الوحدة الوطنية هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه“.
وفي موازاة الحراك السياسي الذي لم ينجح بعد في فكّ الطوق المقفل على تأليف الحكومة، يدخل لبنان اليوم إقفالاً متكرراً في الشأن الصحي، فيما كانت وزارة الصحة أعلنت أمس تسجيل 605 إصابات، و4 حالات وفاة، في أعلى حصيلة في لبنان منذ انتشار الوباء فيه.
وفي السياق، كشفت مصادر طبية عبر “الأنباء” أن لبنان بات تحت تأثير تحوّل وباء كورونا إلى وباء مجتمعي يضرب كل المناطق اللبنانية.
وقالت المصادر: “لا خلاص من هذا الوباء إلّا بالحجر المنزلي، والتباعد، والإلتزام بالإجراءات الوقائية، وارتداء الكمّامات”، داعيةً اللبنانيين “ليكونوا أطباء أنفسهم، ويطبّقوا كل إجراءات الوقاية لأنها العلاج الوحيد“.
المصادر أشارت إلى نقصٍ في المستلزمات الطبية في معظم المستشفيات، وفي وزارة الصحة، معتبرةً أن إقفال البلد لأسبوعين قد يساعد على وضع حدٍ لانتشار كورونا. ولكن إذا عدنا إلى الفوضى، كما حصل في الفترة الماضية، سنكون أمام كارثة حقيقية، لا سيّما وأننا على أبواب موسم “الرشح”، وهذا يتطلب وقايةً أكثر.