في تقدير بعض المتابعين، نجحت طهران في تسجيل انتصار سياسي مُهمّ في لبنان، من خلال “استيعابها” للمبادرة الفرنسية. ففي الشكل على الأقل، الفرنسيون فكّوا الحصار عن “حزب الله” في لبنان. وأساساً، الأوروبيون يسيرون في الحصار الأميركي من باب “التضامن”، وأحياناً تحت الضغط.
قبل يومين، عبَّرت باريس رسمياً عن دعمها لوجود “الحزب” في الحكومة والمجلس النيابي، وقالت: إنه مكوِّن سياسي يمتلك الحقّ في أن يكون في السلطة كسواه من الأحزاب. وهذا الموقف لا يتناقض فقط مع الموقف الأميركي، بل أيضاً مع المناخ الأوروبي الذي ازداد تشدداً ضد “الحزب”، وطبعاً مع الموقف السعودي.
لقد حاول الفرنسيون استثمار الصدمة التي أحدثتها كارثة المرفأ، في لحظة انشغال الأميركيين بانتخاباتهم، ورموا بمبادرتهم على الطاولة.
في التفكير الفرنسي، “حزب الله” يسيطر على القرار، واقعياً وإلى أجل غير مسمّى. فإذا أنجزنا تسوية تمنحه جزءاً من النفوذ، من داخل المؤسسات، وبطريقة نظامية، فذلك سيكون لمصلحة البلد والفئات الأخرى التي لا تمتلك أيّ سبيل لمواجهة نفوذ “الحزب”.
ووفق هذا التفكير، سيندفع “حزب الله” إلى مزيد من الانخراط في الحالة اللبنانية، وستحدّ إيران من تورُّطها. ولذلك، إنّ أي تسوية، ولو راعت حضور “الحزب” في السلطة، ستكون أفضل من “الستاتيكو” القائم.
ويضع الفرنسيون في حسبانهم أنّ “حجم” الشيعة عموماً، و”حزب الله” خصوصاً، سيكون وازناً في “العقد السياسي الجديد” الذي طرحه ماكرون. وهم يعتقدون أن لا مبرّر لاعتراض الفئات اللبنانية الأخرى لأنّ “الحزب” داخل الدولة سيتخلّى عن سلاحه ويعتمد آليات العمل المؤسساتي. وفي المقابل، ستتم تلبية كثير من الطروحات التي تطمئن هذه الفئات.
وفي العمق، يوحي الفرنسيون بأنهم يريدون حلحلة المشكلات اللبنانية “على الطريقة اللبنانية”، أي “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”. وهذا الأمر يريح إيران جداً لأنه يمنحها الفرصة للاستفادة من الوقت في لبنان على مدى الأشهر الأربعة المتبقية من هذا العام، أي إلى أن تتضِح الصورة في البيت الأبيض.
وثمة مَن يقول إنّ إيران لا يمكن أن تُسلِّم بتراجع نفوذ “حزب الله” في لبنان إلّا عندما يصبح مكرَّساً في الدستور والمؤسسات، وعندما يدخل بكل قوته إلى الدولة. وفي رأي المتابعين أنّ “حزب الله”، في هذه الحالة، يسلِّم سلاحه بنفسه لنفسه، لأنه يصبح هو الدولة عملياً.
إذاً، ثمة مَن يتوقع أن تكون حكومة أديب بالنسبة إلى “حزب الله” شبيهة بحكومة دياب. فكلتاهما وُجِدتا لـ”تقطيع الوقت”. واستطراداً، يمكن أن تنتهي الثانية كما انتهت الأولى. كيف؟
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.