وكانت كل الأنظار في لبنان أمس شاخصةً على إطلالة الرئيس السابق للوزراء زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ليلاً، باعتبار أنها ستتيح تكوين صورةٍ عما يتّجه إليه الملف الحكومي، ولا سيما أن الائتلاف الحاكم وخصوصاً «حزب الله» فضّل أن تأتي كرةُ انطلاق الملف الحكومي في جولته الثانية بعد اعتذار السفير مصطفى أديب (قبل 13 يوماً) من ملعب «نادي رؤساء الحكومة السابقين» (يضمّ إلى الحريري، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام)، وذلك على قاعدة انتظار إذا كانوا سيعيدون الكَرّة بتقديم 3 أسماء للغالبية لاختيار أحدها لرئاسة الحكومة يكون مغطّى سنياً، وسيشكّل واقعياً عنوانَ شراكةٍ في حمْل «كرة النار» المالية و«كيسَ رملٍ» لتخفيف صدماتِ أي عقوباتٍ أميركية جديدة على «حزب الله».
في المقابل، لا يبدو الائتلاف الحاكم في هذه المرحلة مستعداً للذهاب نحو حكومة مواجهةٍ يتلقى عبرها لوحده «الضربات» سواء من الخارج أو بفعل المسار الإصلاحي المؤلم الذي يكْمن له الشارع المعبّأ غضباً وجوعاً، وهو ما يجعل استشارات الخميس المقبل، ما لم يسبقها تَفاهُم صعب مع المعارضين، بين احتماليْ الإرجاء أو ربما في مرحلةٍ لاحقة تكليف شخصية وتَرْك التأليف معلَّقاً لما بعد الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر.
وإذ تساءلت أوساط سياسية عن الارتدادات التي قد يتركها على الملف الحكومي التصعيدُ الأميركي بالعقوبات على إيران وقطاعها المالي تحت عنوان «سحق» اقتصادها بالتوازي مع مشاريع لعزْل مناطق نفوذ «حزب الله» عن القطاع المصرفي اللبناني، كان لافتة أمس تغريدة لعون سأل فيها «إلى متى يبقى وطننا رهينة تحجّر المواقف وغياب مراجعة الذات؟»، بالتوازي مع موقف لكتلة نواب «حزب الله» أكدت فيه «أن لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بتشكيل حكومة وطنيّة فاعلة ومنتجة»، داعية إلى «الابتعاد عن نهج الكيدية والعزْل والإقصاء»، وموضحة أنه «خلافاً لكل الكلام الذي قيل هنا وهناك، فإن الإطار التفاوضي حول موضوع حصري يتّصل بحدودنا البحرية الجنوبيّة واستعادة أرضنا وصولاً إلى ترسيم مواقع سيادتنا الوطنيّة، لا صلة له على الإطلاق لا بسياقِ المصالحة مع العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين ولا بسياسات التطبيع».