الحريري يطلق مشاوراته اليوم… لا مواقف حاسمة للكتل والساعات المقبلة حاسمة

12 أكتوبر 2020
الحريري يطلق مشاوراته اليوم… لا مواقف حاسمة للكتل والساعات المقبلة حاسمة

لم ينتظر سعد الحريري انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي وضعها لنفسه قبل إطلاق جولة مشاوراته مع مختلف الأفرقاء لتبيان مدى استعدادهم للسير بمبادرته. لا شيء واضحاً حتى الساعة. فبعد مرحلة من الركود والجمود في ملف التكليف والتأليف، سيكون “اليوم” لناظره قريب، بحيث ستنطلق عملياً مشاورات التكليف في شقها السياسي على إيقاع طرح الرئيس الحريري نفسه “مكلفاً حكماً” لتشكيل الحكومة العتيدة انطلاقاً من “ثلاثية” تمثيله النيابي السنّي، و”التوازن” في سدة الرئاسات الثلاثة، والتعهدات المقطوعة في قصر الصنوبر بتطبيق ورقة المبادرة الفرنسية الإصلاحية. وعلى أساس هذه الثلاثية، أعاد الحريري الحرارة إلى خطوط التواصل مع قصر بعبدا وعين التينة تمهيداً لطرح الأمور على بساط البحث الجدي اليوم “وجهاً لوجه” مع كل من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، لتبقى احتمالات التوافق من عدمه مفتوحة ومعلقة على نتائج هذين اللقاءين، فتتحدد المسارات وتتضح الخيارات تالياً على قاعدة ما سيَسمعه ويُسمعه الحريري في بعبدا وعين التينة من طروحات وأفكار حيال مبادرته.

لقاءات مفصلية اليوم
في أي حال واستمكالا لمبادرته في طرح ترشيحه لتشكيل الحكومة على أساس المبادرة الفرنسية والتزام تنفيذ البرنامج الإصلاحي، اتصل الحريري امس بكل من الرئيس عون والرئيس بري وتقرر ان يزور الحريري قصر بعبدا في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم على ان يزور عين التينة في السادسة مساء. وانطلق الحريري في مشاوراته من حلقته السياسية الأقرب اذ ألتقى مساء امس في بيت الوسط رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وتناول اللقاء موقف الحريري وتحركه والاحتمالات التي تحوط هذا التحرك فيما تردد ان الحريري قد يوفد رئيسة كتلة المستقبل النائبة بهية الحريري على رأس وفد في جولة على رؤساء الكتل والأحزاب.

ودعا مصدر مطّلع إلى عدم التسرّع في الحكم على المبادرة، داعياً إلى انتظار لقاء الحريري بعون وبري، إذ لم يستمع أحد بعد إلى التصور الذي سيقدمه بشأن صيغة الحكومة وعدد الوزراء وتوزيع الحقائب وأسماء الوزراء. وقبل أن يجاب عن هذه الأسئلة، فلن يعطي أحد موقفاً. بحسب المصدر، فإن الشروط التي وضعها أديب لا يمكن للحريري أن يضعها. أديب كان شخصية غير سياسية، وقد رفض أن يتدخل السياسيون في التأليف، أو أن يُشاركوا في الحكومة. وضع الحريري مختلف؛ هو شخصية سياسية، ولن يكون بإمكانه التذرع بالسعي إلى تأليف حكومة اختصاصيين لتجنّب تدخّل الأحزاب في تسمية مرشحيها للتوزير. لم يتحدث الحريري عن مستقلين، بل عن اختصاصيين. وذلك قد يفتح الباب أمام التوافق على تسمية مختلف الأطراف لوزراء اختصاصيين.
الرئيس عون ينتظر الحريري
وقالت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان اللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس عون والرئيس الحريري يمكن ادراجه في إطار مشاورات الحريري في شأن مبادرة ترشحه لرئاسة الحكومة وفق ما اعلن في مقابلته التلفزيونية الأخيرة من سقف المبادرة الفرنسية.

واشارت المصادر الى ان الاجتماع مع رئيس الجمهورية سيكون بمثابة لقاء تبريد للأجواء السابقة التي سادت، مؤكدة ان عون سيستمع الى ما يقوله الحريري الذي كان واضحا في مطالبه وحتى في تأكيد انه ات للإنقاذ.

واكدت المصادر ان الكل يستعجل التأليف، ولكن التخوف قائم من عوائق وعراقيل وشروط محددة.

ورأت مصادر سياسية انه من المبكر استقراء نتائج المبادرة التي اعلنها الرئيس سعد الحريري  لكسر الجمود السياسي والمباشرة بخطوات سريعة لتشكيل حكومة انقاذ لبنان على اساس التزام كل الاطراف المسبق بأن تكون المبادرة الفرنسية هي الأساس، مادام الجميع ما يزال يدعي تأييدها وتمسكه بها،لانها تضمن الحلول المطلوبة اللازمة للمشكلة التي يواجهها لبنان.

 وتوقعت المصادر ان تكون المبادرة الفرنسية هي الأساس في تحركه واستعداده لتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة الجديدة في هذا الظرف الصعب، فيما ينتظر ما سيسمعه من المعنيين بهذا الخصوص وامكانية استعدادهم للتجاوب معه في سبيل إنقاذ البلد.

ومع ان المصادر المذكورة لم تؤكد استناد الحريري الى مواقف فرنسية واميركية داعمة لتحركه، اعتبرت أن  ما ذكره عن تبدلات سريعة ساعدت على تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام خلال السنوات الماضية مؤشرا لافتا على ان تبدلات شبيهة حصلت بعد إعتذار مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة، وقد تكون من ظواهرها ازالة الصعوبات وتحديد موعد عقد اجتماع إطار رسم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد غد، لانه بدون التفاهم بين الاميركيين والفرنسيين مع إسرائيل والجانب الايراني بشكل غير معلن لا يمكن لهذا الاجتماع على المستوى الإقليمي والدولي ان يحصل.
الثنائي الشيعي على موقفه
إذا كان موقف الثنائي الشيعي محسوماً سلفاً لصالح تكليف الحريري انطلاقاً من تفضيل تكليف “الأصيل على الوكيل”، الا ان الأجواء، لا توحي مواقف “الثنائي الشيعي” بأن مهمة الرجل سالكة وآمنة.. فالحزب مُصر علي وزارة المال، وتسمية الوزراء الشيعة، على غرار ما حصل في حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة.
لكن مصادر الثنائي، قالت لـ”اللواء” ان الموقف الأخير، يتعلق بما سيسمعه الرئيس بري من الرئيس الحريري اليوم، وهما بحسب “الأخبار” لا يزالان على موقفهما: ما لم يُعطَ لمصطفى أديب لن يعطى لغيره. هذا يعني أن الثنائي متمسك بتسمية وزير المالية أو إعطاء لائحة للرئيس المكلف يختار منها، ومتمسّك بتسمية الوزراء الشيعة الثلاثة، ومتمسّك بالاتفاق على برنامج الحكومة. فهو لن يعطي الحريري أو غيره شيكاً على بياض لتقرير مصير البلد بما يناسبه. والأمر نفسه سبق أن أشار إليه النائب جبران باسيل. حزب الله سبق أن أعلن أنه لن يسير بكل ما يطلبه صندوق النقد، فيما الحريري لن يتردد في المضي قدماً بالخصخصة وزيادة الضرائب غير العادلة على الاستهلاك.
وبالتالي، فان الحسابات الدقيقة فستكون لكتلة حزب الله، التي قالت مصادرها لـ “اللواء” انه تنتظر المشاورات التي وعد الحريري بإجرائها مع القوى السياسية اعتبارا من اليوم الاثنين، والتي يُبنى على اساس نتائجها الموقف من تسميته او لا، والموقف من شكل الحكومة وعدد وزرائها وتوزيع الحقائب فيها. وهو امر تحسب له ايضا باقي الكتل حسابا لجهة الاصرار على التمثيل واختيار الوزراء، وبهذا المعنى تكون الكتل الكبرى قد حددت شرطا مسبقا لتشكيل الحكومة، ويبقى كيف سيتعامل الحريري مع هذا الشرط وسواء لاحقا في حال تكليف.
ومن هنا فان لقاء بري والحريري مساء اليوم سيكون محوريا لجهة بلورة الموقف المبدئي للثنائي من عودة الحريري والشروط التي سيطرحها. ولا تبدو هذه الشروط سهلة ابدا اذ فهم ان الثنائي لن يتخلى عن شرط تسمية وزرائه بدءا بوزير المال والإتيان باختصاصيين من غير الحزبيين يطرحهم على الرئيس المكلف ليختار منهم .

القوات اللبنانية على موقفها
في الموازاة، يحتاج ارتسام خارطة المواقف النيابية من استشارات التكليف الخميس المقبل إلى مزيد من التشاور والتبصّر بانتظار إنضاج “طبخة التكليف”، من دون أن تستبعد مصادر مواكبة أن يجد رئيس الجمهورية نفسه مضطراً إلى “إرجاء موعد الاستشارات النيابية أسبوعاً إضافياً لمزيد من الاستشارات السياسية”، موضحةً أنّ “طرح الحريري كسَر الجليد في الشكل، لكن المواقف لا تزال على حالها ولا شي تغيّر في جوهر المشهد الحكومي بعد”.
وبينما أكدت مصادر “القوات” لـ”الشرق الأوسط” أنه لم يسجل أي تواصل مع الحريري منذ إعلانه عن ترشحه حتى الساعة، قالت إن «موقفنا من طبيعة الحكومة ومطلبنا أن تكون مستقلة من اختصاصيين لم يتبدل، أما في موضوع التكليف سيأخذ التكتل الموقف المناسب منه الأربعاء، ولذلك سننتظر ما سيحصل حتى ذلك الحين وما سينتج عن الاتصالات التي قال الحريري إنه سيقوم بها مع كل الفرقاء لعرض ما لديه”.
موقف جنبلاط مساء
وإذ يبدو موقف “القوات اللبنانية ” شبه محسوم من عدم تسمية الحريري تكرارا فان موقف الحزب التقدمي الاشتراكي قد يعلنه رئيسه وليد جنبلاط في مقابلة تلفزيونية مقررة مبدئيا مساء اليوم .
التيار: لا مؤشرات ايجابية
أما على جبهة التيار الوطني الحر، فقد بدا لافتا ان تسريبات ذهبت الى اطلاق أسماء سياسيين قيل ان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وراءها في مواجهة ترشيح الحريري، اذ تعتبر مصادر “التيار” المقربون ان المبادرة الفرنسية تتناول الإتيان بحكومة اختصاصيين من رئيس الحكومة الى جميع الوزراء ولا يستطيع الحريري تاليا ان يخرج ويقول انه خارج هذا التصنيف وان يكون أعضاء حكومته من الاختصاصيين فقط باستثناء نفسه فهو بذلك يخالف المبادرة .ولكنهم يستدركون انه في حال كانت الصيغة تكنوسياسية فستكون عندها موضع نقاش ولها هنا شروطها وذكّر المصدر بما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. عندما اجتمع بالقيادات في قصر الصنوبر، دعاهم إلى أن يرتاحوا ويتركوا المهمة لاختصاصيين. لم يرتح الحريري هذه المرة. هنا لا بد من التأكد إن كان يحمل مبادرة جديدة أم تطويراً للمبادرة الفرنسية، التي اقتنع معدّوها بأنها لا يمكن أن تمر بالشكل الذي كانت عليه؟ فهل الحريري مستعد لأن يتشاور مع الأفرقاء في شكل الحكومة وأسماء وزرائها وفي برنامجها؟