‘أنف وأذن وعين’ روسية… على الحدود البحرية!

12 أكتوبر 2020
‘أنف وأذن وعين’ روسية… على الحدود البحرية!

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”: في ضوء وصول السفير الروسي الجديد الكسندر روداكوف صباح اليوم الى بيروت، يتساءل البعض عن تموضع روسيا، في ضوء التغيير الكبير القادم الى الشرق الاوسط، وتحديداً عن دورها الديبلوماسي في لبنان وتأثيره في مجريات خطة النهوض الإنقاذية والإصلاحية في البلاد؟ وماذا عن تعاطيها مع ملف ترسيم الحدود البحرية؟ وهل صحيح انّ روسيا توليه الاهمية الأكبر على أجندتها اللبنانية؟

 

يروي المقرّبون من السفير الجديد روداكوف، أنّه صديق صَدوق وشخصية ممتازة، إلّا أنّه، وبعكس سلفه زاسبيكين، لا يحب الظهور الاعلامي، ويتجنّب التصاريح التلفزيونية السياسية، لأنّه يؤمن بأنّ جوهر الشخصية الديبلوماسية ودور السفير تحديداً يَكمُنان في العمل الديبلوماسي الصامت، وليس من خلال إطلاق التحاليل السياسية عبر الوسائل الاعلامية.

 

المصادر الديبلوماسية المقرّبة من السفير الروسي الجديد، كشفت بأنّه كان من المفترض ان يَتسلّم مهامه من زاسبيكين منذ حزيران الفائت، لأنّ الأخير كان من المفترض ان يُحال الى التقاعد وقتها، الا انّ كورونا أخّرَت موعد مغادرة «الكسندر السابق» وقدوم «الكسندر اللاحق».

 

وعن روداكوف، يقول المقرّبون منه، إنّه يعمل برصانة، بشهادة جميع من عمل معه في فلسطين، وخلال استلام مهامه كقائم بالأعمال مكان السفير الروسي في سوريا حين غادرها الاخير.

 

عن المبادرة الروسية تجاه لبنان، يكشف هؤلاء، انّه ليس هناك من مبادرة روسية، بل هناك مساندة روسية للمبادرة الفرنسية ودعم لهذه المبادرة. وأوضحت المصادر الديبلوماسية عينها، بأنّ روسيا لا تريد الظهور اليوم بمظهر المنافس للمبادرة الفرنسية، ولذلك هي تترك للفرنسيين مهمة متابعة مبادرتهم.

 

ولفتت المصادر نفسها، الى انّ لبنان بحاجة اليوم الى دعم اقتصادي قوي. والروس يعلمون انّهم غير قادرين عملياً على توفير هذا الدعم الاقتصادي. فروسيا غير قادرة على الدعوة مثلاً الى مؤتمر اقتصادي بعكس الفرنسيين، لذلك يقوم الطرف الروسي اليوم بالتواصل والاتصال بأطراف عدة، لحثها على المشاركة في المؤتمر الداعم للبنان الذي تنوي فرنسا عقده لمساعدة لبنان على النهوض، وذلك في إطار دعم روسيا لفرنسا في مهمتها. ويمكن ادراج الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولأكثر من مرة، ضمن هذا السياق.

 

اما عن زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف، فأوضحت المصادر عينها، أنّها وبعكس ما يتمّ التداول به، لم يُحدّد موعدها بعد، الّا انّ الزيارة ما زالت قائمة فيما لم يُحدّد زمنها ولا فريقها، لأنّ الطرف الروسي يترقّب التطورات على الساحة اللبنانية بالأخص في موضوع تشكيل الحكومة، وهو الامر الذي قد يلعب دوراً كبيراً في تثبيت زيارة لافروف وموعدها، الّا انّ عدم تشكيل الحكومة سيدفع بالفريق الروسي الى اعادة النظر في جدول زيارة لافروف وفريقه بحسب المصادر، وفي الوقت نفسه، فإنّ روسيا لا تريد الظهور بمظهر المنافِسة للمبادرة الفرنسية، لذلك فهي لا تحمل اي مبادرة جديدة او شخصية بواسطة سفيرها الجديد الى لبنان.

 

وفيما اشارت المصادر الديبلوماسية، الى انّ الفريق الروسي في الوقت نفسه يهتم كثيراً بالوضع السياسي والاقتصادي، لأنّه مؤثر جداً على المنطقة وتحديداً من خلال انعكاساته على الداخل السوري، لذلك، يتواصل الروس مع جميع الاطراف في الداخل اللبناني في سبيل احياء التفاهم بين جميع المكونات اللبنانية وفي ما بينها… واضافت المصادر، بأنّ لروسيا تأثيراً كبيراً في سوريا وتُعتبر لاعباً اساسياً هناك، فيما الوضع يختلف في لبنان.

 

 

الترسيم في عيون روسيا

وكشفت المصادر، انّ روسيا تؤيّد بشكل كبير ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وهي لطالما كانت مع ضبط الحدود البحرية والبرية وتحسين الوضع الاقتصادي والامني في لبنان، لأنّه يؤثر في المنطقة، وينعكس ايجاباً او سلباً على الداخل السوري. واشارت المصادر، الى انّ الاطراف الروسية تعتبر انّ الازمة الاقتصادية في لبنان تأثرت بها سوريا اضعافاً، وهي متخوفة من الوضع الامني الذي اذا انفلش لبنانياً سينعكس حكماً على الداخل السوري، بخاصة انّ هناك مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان. لذلك، تحرص روسيا في المرحلة الراهنة على استتباب الوضع الامني في لبنان، وعلى حلّ الازمة الاقتصادية فيه. ومن هذا المنطلق، تتواصل الاطراف الروسية في المرحلة الراهنة مع كافة الاطراف اللبنانية

 

وتلفت المصادر، الى انّه وفي الدرجة الاولى يهمّ الجانب الروسي نهضة الاقتصاد اللبناني، الذي تأثر به الاقتصاد السوري، فانعكس سلباً على الاقتصاد الروسي، وهو امر اساسي بالنسبة اليها.

 

وأضافت، انّ روسيا ايّدت ضبط الحدود بين لبنان وسوريا منذ زمن لضرورته. أما الاكثر اهمية بحسب تعبير المصادر، هو الترسيم البحري، لأنّ لروسيا مصلحة مباشرة في تحقيقه، وذلك لأنّ شركة «نوفاتيك» الروسية تُعتبر جزءاً اساسياً من الكونسورتيوم الذي يقوم بالحفر، وتجد روسيا اليوم مصلحة كبيرة لها بعدم عرقلة مسار هذا الترسيم على الحدود البحرية، لتقوم الشركة الروسية بعملها على اكمل وجه، بخاصة انّ الامل كبير بوجود نفط وغاز في الجنوب، بحسب تعبير المصادر، بعدما خاب املهم في البلوك 4، لأنّهم لم يجدوا هناك خزانات كبيرة او احتياطات فائضة من الغاز. فيما يعقدون الآمال في الجنوب في ان تكون إحتياطات الغاز بكميات كبيرة. وتلفت المصادر، الى اهمية ملف الغاز بالنسبة لروسيا، واهتمامها بأن يلعب الفريق الروسي دوراً مهماً فيه، لأنّ هذا الغاز سيذهب في نهاية المطاف الى اوروبا، وسيكون منافساً للغاز الروسي في الاسواق الاوروبية، في وقت تستخرج روسيا الكميات الاساسية والكبيرة من غازها وتصدّره الى البلدان الاوروبية. ولذلك نجدها اليوم تحرص على أن يكون لديها وجود في كل بقعة يتواجد ويُستخرج منها الغاز، وهي تراقب جغرافياً مكان انتاجه وتصديره، وتحرص على ان يكون لها هناك “عينٌ وانفٌ وأذنٌ”.