لبنان في ‘العقل الأميركي’ ديموقراطياً كان أم جمهورياً؟!

20 أكتوبر 2020
لبنان في ‘العقل الأميركي’ ديموقراطياً كان أم جمهورياً؟!

كتب جورج شاهيم في “الجمهورية”: قد لا ينتهي النقاش قريباً حول مصلحة لبنان بوصول الديموقراطي جو بايدن الى البيت الأبيض بدلاً من الجمهوري دونالد ترامب. وفي انتظار ان يحسم الجدل، ينصح ديبلوماسيون بعدم ترقّب أي تغيير تعكسه الانتخابات الرئاسية المقبلة تجاه بلدنا. فنظرة الإدارة الاميركية “العميقة” وحّدت الحزبين فالتقيا حول ما يعنينا، وهو ما يعطي توصيفاً واضحاً لموقع لبنان في “العقل الأميركي”. فكيف يمكن تفنيد ذلك؟
ليس من السهل الغوص في البحث عن حجم تأثر لبنان بتوجهات الإدارة الأميركية والفروقات التي يمكن الإشارة اليها عند الحديث عمّا شهده لبنان من أحداث في ايام الرؤساء الأميركيين، سواء كانوا من الحزب الديموقراطي او الجمهوري. ففي العقود السابقة التي تناوَب فيها على الرئاسة الأميركية رؤساء من الحزبين لم تشهد الساحة اللبنانية اي متغيرات اساسية وجذرية يمكن التوقّف عندها لتبيان حسنات وسيئات وجود رئيس في البيت الأبيض من هذا الحزب او ذاك.

وفي الوقت الذي يراهن جزء من اللبنانيين على وصول الرئيس الديموقراطي جو بايدن الى البيت الأبيض ليتوقع انفراجات في الساحة اللبنانية والمنطقة، يعتقد آخرون انّ من الصعب ان يكون ذلك ثابتاً. فالتجارب السابقة لم ترهن سياسة واشنطن الخارجية برئيس ديموقراطي او جمهوري. فأصحاب الدعاء والتمني بعودة الديموقراطي الى البيت البيض يعتقدون انه سيكون أكثر انفتاحاً ويمكن ان يقود الى الانفراج المتوقع في لبنان والمنطقة، فيما يتوقف الآخرون امام بعض المحطات التي تقلل من أهمية هذه النظرية الى حدود مناقضتها لاقتناعهم انّ في واشنطن عاصمة اكبر دول العالم “إدارة عميقة” تحكم، وأي تغيير يعكسه توجّه الرئيس سيكون محدوداً جداً، سواء كان جمهورياً ام ديموقراطياً.

وتأسيساً على النظرية الثانية، يقول احد الديبلوماسيين: إذا أجرينا جردة سريعة للعقود الرئاسية الأميركية، نلاحظ انّ الجمهوريين أمضوا سنوات اكثر من الديموقراطيين في البيت الأبيض، ولم يشهد لبنان أيّاً من الانفراجات في عهودهم لِيُهلّل وليُمَنّن البعض النفس بفوز بايدن في الرابع من الشهر المقبل بدلاً من دونالد ترامب، وليدخل البيت البيض في 20 كانون الثاني المقبل، فلا شيء يمكن ان يتغير بسهولة. وهو استند في قراءته الى المراجعة التاريخية الآتية:

ترافَق استقلال لبنان عام 1943 مع وجود الرئيس الديموقراطي فرانكلين روزفلت (1933- 1945)، وخلفه ديموقراطي آخر هو هاري ترومان (1945 – 1953)، وهو من استخدم القنبلة الذرية في هيروشيما وناكازاكي لاستعجال استسلام اليابان والفوز في الحرب العالمية الثانية قبل ان يقود “مشروع مارشال” لإعادة اعمار اوروبا، فقدّم نموذجين متناقضين بوجهَيهما الإجرامي والاعماري. ومن بعده دخل الى البيت الأبيض الرئيس الجمهوري دوايت ايزنهاور (1953 ـ 1961)، قبل ان يستعيد الديموقراطي جون أف كينيدي الرئاسة الاميركية عام 1961 والذي اغتيل في العام 1963، ليغيب من بعده الديموقراطيون عن البيت البيض لمصلحة الجمهوريين، فكانوا على التوالي ريتشارد نيكسون (1969 – 1974)، ومن ثم جيرالد فورد (1974 ـ 1977)، ومن بعده رونالد ريغان (1981 ـ 1989)، ثم جورج بوش الاب (1989 ـ 1993)، قبل ان يعود الديموقراطي بيل كلينتون الى البيت الابيض لدورتين (1993 ـ 2001) ويخلفه الجمهوري جورج بوش الإبن (2001 ـ 2009)، فالديموقراطي باراك اوباما (2009 – 2017)، إنتهاء بوصول الجمهوري دونالد ترامب عام 2017.

بعد هذه الجردة تصنيفاً لانتماءات الرؤساء الأميركيين بين جمهوري وديمقراطي، يضيف الديلوماسي ان ليس الهدف تأريخ الحياة الرئاسية الأميركية بمقدار الإشارة الى انّ ما عاشَه لبنان من مسلسل الأزمات والحروب التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ الاستقلال العام 1943 الى اليوم، لم يتأثر بمقدار كبير بوجود رئيس جمهوري او ديموقراطي في البيت الأبيض. فقد خسر العرب جزءاً من فلسطين العربية عام 47 بوجود رئيس ديموقراطي هو ترومان، ووقعت أحداث 1958 في لبنان في عهد رئيس جمهوري هو أيزنهاور، وجاءت أحداث نيسان 96 في عهد الديموقراطي كلينتون، واندلعت حرب تموز 2006 في عهد الجمهوري جورج بوش الإبن، وانفجرت الأزمة في سوريا والعراق وانعكست على الساحة اللبنانية في عهد الديموقراطي أوباما. وعليه، ومن دون التوقف امام كل الغزاوت الاسرائيلية، تُظهِر هذه الوقائع انّ كثيراً من المحطات المأسوية عاشها لبنان في عهود مختلفة كان فيها رؤساء أميركيون من الحزبين. ولم يظهر انّ أيّاً منهم قد انحرف بالسياسة الخارجية الأميركية في شكل لافت الى جانبنا، ولم ينتصر اي منهم للبنان في اي مواجهة مع العدو الاسرائيلي او حال دون ان يكون لبنان رهينة للنزاعات الإقليمية والعربية التي حَوّلت ساحته مسرحاً لحروب الآخرين على أرضه.

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.