وأشار خلال مقابلة عبر “لبنان الحر”، إلى انه يقارب موضوع الحكومة من “الجانب السياسي ووفق العناصر السياسية، وهذه العناصر ما زالت نفسها من قبل انفجار المرفأ حتى الآن ومعركة الإصلاح لم ينتج عنها اصلاح والطبقة الحاكمة غير مهتمة بالوضع”.
وشدد على أن “لبنان ربط نفسه بواسطة حزب الله بالمنظومة الاقليمية الكبرى وتحديدا بقيادة المحور الايراني او محور الممانعة”، وقال: “حقيقة العرقلة تعود لمزيج من العناصر، هناك المقاربة المحاصصاتية والتراجع امام قوى الامر الواقع التي تخلق ضغطا كبيرا على القوى السياسية، كما هناك محاولة واضحة للاستئثار بالثلث المعطل، والخوف من وزارة العدل وما قد ينتج عنها في حال وجد وزير عدل يسعى لكشف ملفات الفساد، اضافة الى عقدة وزارة الداخلية في هذه الحكومة التي ستدير الانتخابات المقبلة ان في حال حصولها بشكل مبكر او بانعقادها في موعدها”.
ولفت الى أن “وجود طبقة سياسية فاشلة لا يعني ان المجتمع فاشل”، وقال: “المجتمع المتطور يسعى الى الديمقراطية وتطوير الحياة اليومية وتحسين آليات مؤسسساته. لكن للاسف لدينا مجموعة متحكمة بمفاصل البلد تؤدي به الى التراجع والانهيار، ليست مسؤولية الشعب بل مسؤولية من يتحكم بالقرار”.
أضاف: “إذا كان حزب الله يعمل على تشكيل الحكومة فقد تأخر فعلا، والعكس صحيح إذ أن الحزب منكفىء عن الملف الحكومي بعدما نال ضمانة حصوله على ما يريد من حقائب وتسمية وزراء الشيعة، وهو لا يريد الدخول في سجال مع الرئيس عون الذي يؤمن له غطاء مسيحيا ثمينا جدا لسياساته وتموضعه المحلي والاقليمي والخارجي وبالتالي الانكفاء سببه الحفاظ على مصالحه التي تأتي على حساب مصالح البلد. وإن تموضعه وتمسكه بالحريري لا يؤديان الى شيء لاننا ما زلنا ننظر للامور من زاوية مصلحة الحزب لا المصلحة الوطنية وهو يهتم لعلاقة مقبولة مع الرئيس المكلف شرط الا يعرقل له مصالحه ويؤمن له في الوقت نفسه الانفتاح العربي والدولي ويمنع عنه العزلة، وتحديدا من الزاوية السنية”.
وتابع: “ليست المرة الاولى التي تتشكل فيها حكومة في لبنان ولن تكون الاخيرة، ومنذ اتفاق الطائف هكذا تتشكل الحكومة بالشراكة الوطنية والدستورية والتي نرى مدى نجاحها من نتيجتها المنعكسة على مصلحة المواطن وتسيير عمل المؤسسات الدستورية والشعب. الدستور ينيط تشكيل الحكومة بشخصين: رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، واذا نجحا بذلك ينجحان سويا والعكس صحيح، الا انهما حتى اللحظة فشلا ويتحملان ذلك سويا، لانهما اضاعا الهدف وهو تسيير مصالح الناس وتقوية مؤسسات الدولة والدفع الى المزيد من الاستقرار والازدهار”.
ورفض بو عاصي “القول اننا امام ازمة دستورية تتطلب اعادة النظر بالنظام القائم، فهذه النقطة تدخل ضمن موازين القوى والكباش، اذ هناك من يستقوي بدعم الحزب له وآخر بأمور آخرى”، مؤكدا أن “تشكيل الحكومة ليس مسابقة رفع اثقال وكباش بل عمل ايجابي لمصالح انتاج مؤسسة اساسية وضرورية ومحورية لادارة شؤون البلاد والعباد”.
وقال: “مع تطبيق كل دساتير العالم، اذا لم تتوفر النوايا الحسنة والحس الوطني العالي من غير الممكن الوصول الى نتيجة، فالدستور ليس قاعدة لفرض تطوير العمل السياسي بل لضبطه ضمن مجتمع معين. القاعدة السياسية الاهم هي قاعدة حسن النية والسعي للمصلحة الوطنية العليا اضافة الى الدستور ولعبة السلطة التي تعد اقل أهمية”.
أضاف: “لا أقول إنني أريد التخلي عن صلاحيات الرئيس، ولكن في كل دساتير العالم ان لم تستقم فلا جدوى منها، وتنتج طريقة ممارسة الحكم عن تاريخ وعن مصالح عليا. اذا اختزلت الحياة السياسية بلعبة السلطة فهذه كارثة، وهذا ما نمر به اليوم ونوهم الناس بأنها الدرجة الاسمى. لكن لا يحاول أحد اقناعنا بأن هذا امر صائب وان من يصل إلى موقع القوة تصبح الدنيا من بعده بألف خير”.
وتابع: “عند الحديث عن حصار سياسي واقتصادي للبنان لا نتحدث عن قراصنة في عرض البحر ينفذون كمائن بحرية لمنع دخول الدولارات، بل نتحدث عن حصار يعود لدخول لبنان بمنظومة ايران ما خلق له مشاكل عدة مع الدول العربية لا سيما دول الخليج، ولتعمد بعض الافرقاء وتحديدا جبران باسيل عندما كان وزيرا للخارجية، تدمير العلاقة الخليجية – اللبنانية، التي عدا عن انها علاقة تاريخية وعاطفية، هي علاقة مصالح اقتصادية هائلة، علما ان معظم الأموال التي تأتي الى لبنان هي من دول الخليج العربي”.
واعتبر ان “العلاقة السوية والسليمة مع دول الخليج هي مدخل اساسي وغير قابل تفاديه لعودة الحركة الاقتصادية الى لبنان وهو مدخل سياسي بامتياز”.
وجدد بو عاصي التأكيد ان “المسؤول عن انهيار هذه المنظومة المالية بشكل أساسي هو حزب الله والتيار الوطني الحر وعلى رأسه الوزير جبران باسيل”، وقال: “ايديولوجيا أنا ضد حزب الله، بسلاحه وتموضعه السياسي. انا لا أريد ان أكون أكثر من شريك في الوطن، وعندما يكون هناك حزب يختزل قرارات الدول، فمهما كان عددنا الشراكة لا تنفع. ليس مهما ان كان الحزب داخل الحكومة او خارجها ولكن الأساس هو مدى قدرته على أخذ لبنان باتجاه ينعكس سلبا عليه. وهنا أتوجه الى جميع الافرقاء بالتأكيد ان ما من احد يمكنه انقاذ نفسه بنفسه فقط، لا بالقرض الحسن ولا بالامن الذاتي ولا بأي شيء آخر. هذا البلد ما زال واحدا واقتصاده مترابط ببعضه ومصالحه الداخلية والخارجية واحدة، وبالتالي إما ان يعوم كله او يغرق كله”.
أضاف: “المجتمعات لديها قدرة على النهوض بشكل كبير، ولكن قدرة تحمل الضغط لا تكفي، ويجب ان نرى مشروعا لهذا المجتمع لأن قدرة التحمل اللامتناهية لا تؤدي وحدها إلى الشيء والاهم هو إرادة النهوض”.
ولفت الى ان “تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية الذي تكرس في بعبدا لا يزال موجودا”، مؤكدا “المطالبة به دائما لأن لبنان الأقل تأثيرا والأكثر تأثرا، من هنا يجب تحييده عن الصراعات الإقليمية والدولية”.
ورأى أنه “من الإيجابي ان تضع فرنسا لبنان على الطاولة الدولية ولكن لو اجتمعت كل الدول لمساعدة بلد لا يريد مساعدة نفسه فلا جدوى من كل مساعيهم”، معتبرا ان “التموضع الفرنسي حاز على الضوء الأخضر الأميركي من دون انخراط واضح لهذا الاخير، وبالتالي كان هناك نية للمساعدة ولكن عندما لم يلمسوا أي نتيجة إيجابية انكفأوا لأن الفشل سيحتسب عليهم أيضا”.
وقال: “نحتاج الى الحد الدنى من الوعي لنعرف أن ترامب لم يترك لبايدن على الطاولة الملف اللبناني فقط، طالبا منه أن يبدأ به، ولا أقول ان الملف اللبناني ليس في حسابات أميركا ولكنه ليس من أولوياتها. عندما ندعو إلى حد النفوذ الإيراني في المنطقة فنحن أيضا نتكلم عن حد الاذرع الإيرانية من اليمن الى لبنان وسوريا والعراق، مرورا بدول الخليج حيث هناك خلايا تابعة لايران. وتوسع النفوذ لأي قوة في المنطقة لم يؤد تاريخيا إلا إلى حروب ومشاكل ودمار ومعاناة، واذا استمر الاصرار الايراني على التوسع العسكري فلا نعرف ردة فعل ادارة بايدن، علما ان الهم الاساسي له هو النووي”.
أضاف: “يجب أن تشكل حكومة تتعاطى بجدية مع المجتمع الدولي، وهذا ما ينقصنا بالتحديد. من هنا يجب الذهاب إلى انتخابات مبكرة لأن لا حل بالتغيير مع هذه المجموعة التي وصلنا معها الى شفير اليأس”، مشددا على ان “القوات ليست من النوع المراقب للحدث، انما تواكب الحدث لاستنباط الحلول”.
وكرر اهمية المطالبة بهذه الانتخابات “لإعادة الكلمة الى الناس كي يقرروا مدى رغبتهم بتغييرها، فبنتيجة تغيير هذه الطبقة يتغير الاداء وتستقيم الامور”، معتبرا ان “الخلل الذي حدث في 17 تشرين يحتم اعادة الكلمة للناس”. وقال: “أي سعي لأي انتخابات نيابية مبكرة من قبل أي طرف يعتمد مقاربة سياسية ضيقة تخدم مصلحته فقط سيفشل، لان الانتخابات تهدف الى اعادة اللحمة في المجتمع واعادة الثقة بالطبقة السياسية كي تضع تطلعاتها وتتخذ قرارات جريئة”.
وشدد بو عاصي على ان “أهم ما في الانتخابات انه لا يمكن استنتاجها مسبقا”، وقال: “مجتمعنا راق وواع وفقد الثقة بغالبية الطبقة السياسية ومنه من يرغب بالترشح او التصويت، وكل هذا ايجابي لاعادة اطلاق ديناميكية سياسية في البلد، واذا أردنا تعداد الذين “ناموا ربحانين ووعيوا خسرانين” حتى في الانتخابات الاخيرة فلن نتمكن من ذلك، إذ أن المواطن يختار في اللحظة الاخيرة”.
أضاف: “ما من قانون انتخابي مثالي، او قانون جيد أو سيىء، في المطلق، القانون الجيد يعكس تطلع شعب وتركيبته الثقافية والمجتمعية والسياسية، اما السيىء فيخرج بنتيجة لا تشبه الشعب. ونحن منذ الستينيات نحاول الوصول الى قانون، الى أن وصلنا الى الحالي الذي اعطى التمثيل الاقرب الى التمثيل الصحيح”.
وتابع: “القوات اللبنانية قاتلت لوصوله، ولكنه لم يعط التمثيل الافضل لها ورغم هذا لم يدفعها للمطالبة بإلغاء النتائج او رفضها لان قانون الانتخاب لا ينجز لتغيير الشعب بل يسمح للشعب بتغيير السلطة”.
وأردف: “هناك نظرية نشأت تحديدا بعد انفجار 4 آب، بأن من لم يحدث خرقا في مجلس النواب يجب ان يستقيل، وبالتالي هذه دعوة لكل معارضة أن تقف جانبا وتدع الأكثرية تشكل مجلس نواب، وهذا منطق لا يستقيم. لا اعرف بماذا ساهمت الاستقالة في ملف انفجار المرفأ. يجب تحمل المسؤولية حتى اللحظة الاخيرة في المجلس وخارجه، وندعو الى انتخابات نيابية مبكرة، ونريد إعادة الكلمة للشعب ليقرر من يريد ان يعود الى السلطة”.
وعن المبادرة الانقاذية التي تحدثت عنها “القوات”، قال: “الاتصالات مستمرة لانه لا بد من مبادرة باتجاه ما. وإن إنشاءها يبدأ بالبحث عن مساحة مشتركة بين الجميع لتحصين الثوابت اللبنانية من خلال تعريف كل فريق عن نفسه وعن نظرته للامور لتظهر المساحة المشتركة تباعا”.
وجدد بو عاصي التأكيد ان “ثوابت القوات معروفة وهي السيادة والاعتراف بتعددية المجتمع اللبناني وبناء الدولة التي تبدأ بمحاربة الفساد كمدخل اساسي، وهدفها واضح الوصول الى انتخابات نيابية مبكرة”.
وقال: “العملية غير مقفلة أمامنا شرط المحافظة على الثوابت الوطنية. ونحن من هنا مستعدون للحوار مع كل من هو غير قواتي، وأريد أن ألفت إلى أن الإيجابية الأكبر في التعاون هي من غير المحازبين. لا أتحدث عن سلبية لدى الاحزاب ولكن هناك أناس لديهم حسن النية والقلق ورفض انهيار البلد ويرغبون بالتجمع مع احترام خصوصياتهم”.
وردا على سؤال عن ضبط الحدود ومنع التهريب، قال: “للبنان أفضل التجهيزات في العالم ساهم فيها البريطانيون والاميركيون والكنديون تجهيزا وتدريبا مع تمويل مطلق. كما أن هناك 4 أفواج حدود اي أكثر من 3000 شخص، في وقت المنطقة السائبة، تحديدا بين القصر والهرمل، لا تزيد عن 28 كلم وتضم 8 معابر. وبالتالي الجيش قادر ولديه النية ومدرب ومجهز بأفضل التجهيزات، ما يعني ان سبب هذا التفلت يعود لمن لا يعطي الامر للجيش، اي الحكومة اللبنانية والسلطة التنفيذية تراجعتا امام ضغط محور ايران – سوريا – حزب الله على حساب الشعب اللبناني”.
وقال: “لا أحد يتغاضى عن هذا النوع من التهريب، الا اذا كان جبانا او متواطئا ولكن لا يمكن الا يرى هذا التهريب”.
وتطرق بو عاصي الى ملف الدعم، مذكرا بأنه “بعد الانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ، اتخذت السلطة التنفيذية القرار بدعم تثبيت سعر الصرف للمستوردين لاستيراد البضائع الاساسية تفاديا لغلاء الاسعار، وكلفت هذه الخطوة 7.9 مليار دولار سنويا، علما ان الاسعار ارتفعت بشكل جنوني. ثم ان ثلث الدعم استفاد منه التجار والثلث الاخر المهربون وبقي 30% فقط للمواطن، وبالتالي اكثر من 60% من الاموال ذهبت هدرا، وهذا ما كانت القوات قد حذرت منه سابقا لانه استنفد ما تبقى من أموال في مصرف لبنان المهلك أصلا، والتي اتت من شهادات الايداع التي وضعتها المصارف في المركزي اي اموال الناس. ونأسف أن قرار الدعم اللامسؤول والمجرم لم يقيم احد نتيجته ومدى فعاليته، وقد تمت الموافقة عليه من رئيسي الجمهورية والحكومة”.
وتوقف عند “اقتراح قانون لتنظيم هذه العملية وتحضير بديل للتراجع عنه مستوحى من برنامج دعم الاسر الاكثر فقرا التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية”، قائلا: “هذا البرنامج لا يصلح ليطبق على 80% من الشعب اللبناني ولكن يمكن ان نستوحي من طريقة ادارته وتمويله وكيفية تطبيقه. لذا، تواصلنا مع البنك الدولي والمراجع المعنية لمعرفة المعايير الصحيحة، بما ان هذا البرنامج حاز على ثقة المجتمع الدولي أجمع ما جعل البنك الدولي يرفع عدد المستفيدين من 10 الاف مستفيد الى 15 الفا و50 الفا من خلال هبات مطلقة. وحاليا، أتينا بقرض بقيمة 246 مليون دولار سيصوت عليه مجلس النواب ليؤمن هذه البطاقة لـ200 الف عائلة ولكن يبقى 800 الف عائلة بينها 600 الف عائلة مستحقة”.
وختم: “بعد دراسة أجريناها توصلنا الى ان كلفة تغطية هذه العائلات تتراوح بين 1.3 و1.6 مليار دولار وبالتالي أقل بكثير من قيمة الدعم، ويمكن ان تؤمن بقرض من الـIMF وتؤمن البطاقة اموالا “كاش” او تستخدم في سوبرماركت لتؤمن فرق رفع الدعم للمواطنين. ولكن هذه الخطوة مرحلية فقط الا انها تمنعنا من المس بالاحتياطي الالزامي وهو آخر ما تبقى للشعب اللبناني”.