تشهد البطريركية المارونية في بكركي بعد ظهر اليوم تقاطر حشود شعبية وسياسية داعمة لمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومطالبته بحياد لبنان، في خطوة تذكر بمحطتين اساسيتين عرفتهما بكركي، الاولى مع اعلان دولة لبنان الكبير بجهد من البطريرك مار الياس الحويك بعد الحرب العالمية الاولى، والثانية مع نداء المطارنة الموارنة الشهير عام ٢٠٠٠ في عهد البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.
محطة اليوم التي تحمل عنوان “نعم لمبدأ الحياد، نعم لمؤتمر دولي من اجل لبنان”، تشارك فيه بالدرجة الاولى احزاب الكتائب والقوات والاحرار و” لقاء سيدة الجبل” برئاسة فارس سعيد ، اضافة الى “مجموعات سيادية ” من مختلف المناطق اللبنانية كانت هي المبادرة للدعوة الى اللقاء قبل ان تلاقيها الاحزاب المسيحية كافة وتدعم تحركها .
في المقابل ابدى “التيار الوطني الحر” تحفظه على اللقاء وقراره عدم المشاركة فيه ، لكنه اوعز الى مناصريه والمحازبين بعدم التعليق على اللقاء بتاتا، سواء عبر المواقف السياسية او على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد اكتملت الاستعدادات لعقد اللقاء في الباحة الخارجية للصرح وسط اجراءات لوجستية تضمن الحفاظ على تدابير السلامة العامة للوقاية من جائحة كورونا.
وفي اتصال مع ” لبنان ٢٤” قال الوزير السابق فارس سعيد: لقاء اليوم في بكركي هو جرف شعبي عفوي وصرخة اعتراض لإعادة تجديد الثقة بهذا الصرح الوطني الكبير.
وقال: “جرى العمل منذ فترة طويلة للقول بان هناك قوى سياسية تمثل الشرعية المسيحية في لبنان، توصل رئيسا قويا الى بعبدا، وعندما وصل هذا الرئيس القوي اعتبروا انه يمثل الفريق المسيحي او الشرعية السياسية المسيحية. وبعدما ساهم حزب الله في ايصاله اعتبر ان تفاهمه مع عون يؤدي الى ابرام تفاهم مع كل المسيحيين. لكن فشل السلطة الحاكمة في تقديم حلول للمشكلات القائمة جعل الناس تبحث عن ضمانة جديدة فعادت الى الضمانة القديمة -الجديدة وهي ضمانة بكركي”.
اضاف: “اراد اللبنانيون من خلال لقاء اليوم ان يؤكدوا لهذه الضمانة انهم يضعون همومهم بين يديها، وانهم يثقون بها في اتخاذ ما يلزم من خطوات سواء عبر الشرعية الدولية او العربية على قاعدة الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات الشرعية الدولية”.
حزب الكتائب
وقال نائب رئيس حزب الكتائب سلبم الصايغ في اتصال مع ” لبنان ٢٤”: “نعيش اليوم في لبنان حالة فراغ وتعطيل والحل لمواجهتها، اما بالذهاب الى اللعبة الطائفية او بالمواجهة الوطنية، وهذا ما قررته بكركي بطروحاتها العابرة للطوائف والمناطق وحتى للاصطفافات السياسية. من هنا فان اللقاء تلقائي في بكركي للتعبير عن ٣ لاءات: لا للخوف من التهديد والترهيب، لا للامر الواقع الذي يفرض على اللبنانيين نمط عيش وحياة لا يريدونه، ولا للفقر، لان الحرمان لا يطاق. وهذا اللقاء هو التفاف حول البطريرك الراعي الذي يتحدث عن خشبة خلاص للبنان من خلال تنفيذ القرارات الدولية وتحقيق دولي في قضية تفجير المرفأ والحياد”.
اضاف الصايغ: “عندما طرح حزب الكتائب عام ٢٠١٣ تعديلا على مقدمة الدستور لادراج الحياد كبند ميثاقي قامت القيامة علينا. اليوم البطريركية المارونية تحمل هذا اللواء وكل القوى تزايد في موضوع الحياد، وهو واحد من ثلاثة خيارات متاحة وهي: الحرب الطائفية ، السلام مع اسرائيل والحياد.
نحن ندعم بقوة مواقف البطريرك ونفكر معه بخارطة طريق لتنفيذ كل هذه البنود”.
وقال ردا على سؤال: “مواقف البطريرك الراعي مواقف وطنية ولا يمكن الا ان تكون الى جانبه بها، فهو ينادي الدستور وتطليق القرارات الدولية وحياد لبنان وضرورة تحرير ارادة الشعب اللبناني من اي وصاية واي ترهيب او ترغيب، واذا كان يتحدث عن تدويل الحل فلانه يرى ان الافرقاء اللبنانيين القيمين على هذه المنطومة لا يستطيعون الاتفاق ليعود انتظام الحياة الديموقراطية في البلد”.
اضاف: “سمعنا كلاما من المرشد الاعلى الجمهورية يعتبر فيه المطالبة بمؤتمر دولي بانها تقود الى الحرب، وفي هذا الكلام تهديد ليس فقط للبطريرك بل تهويل وترهيب لكل الناس الذين يحاولون ايجاد حل خارج عباءة حزب الله”.
وختم: “الصعود الى بكركي ليس لدعم موقف سياسي بل لرفض النهج الدي يتحكم بالبلد والمطالبة بسيادة لبنان”.
شدياق
وقالت الوزيرة السابقة مي شدياق: “تحرك اليوم باتجاه بكركي هو نافذة الامل الوحيدة في المشهد السياسي الحالي، عبر مطالبة غبطة البطريرك بالحياد وتنظيم مؤتمر دولي من اجل لبنان برعاية الامم المتحدة”.
ان لهفة المواطنين التوافين الى هذا الامر من مختلف الاتجاهات واضحة، ومن ينتقدون اللقاء، ربما استوعبوا فكرة اللقاء خطأ او لخلفيات سياسية وعقائدية معينة، تتعلق بتحفظهم على اي دور لرجال الدين، ولكن غبطة البطريرك الذي وصف بان مجد لبنان اعطي له، لم تقل له العبارة عفويا، ففي عام١٩٢٠ بطاركة لبنان هم من اسسوا دولة لبنان الكبير، ومن يؤمن بوجوب بقاء لبنان بمزاياه المعروفة يجب ان يكون داعما لخطوات صاحب الغبطة. لم يعد لبنان بمقدوره ان يكون ورقة على طاولة التجاذبات في المنطقة والصغوط الدولية، والمحاور التي لم تصل بلبنان الا الى الخراب.
المطالبة بالحياد هي لمصلحة لبنان، والحياد الايجابي معناه عدم التعاطي بشؤون الدول المحيطة بنا وعدم الغوص في حروب لا تعنينا، وفي الوقت ذاته ليس معناها، كما يسوق البعض، اننا نريد ابرام معاهدة سلام. نحن لا نريد ان نحارب ولا نريد ابرام معاهدة سلام، ليتركونا بحالنا ولتدافع كل دولة عن نفسها. لكن لا يجوز لن يكون لبنان ممرا للحسابات الاقليمية . آن للبنان ان يرتاح”.
وقالت: “حديث غبطة البطريرك اليوم هو اسمى الخطب الوطنية، وهو حتى عندما يتحدث عن مؤتمر دولي، لا يطالب بتدويل لبنان بل يشدد على انه طالما نحن عاجزون عن الاتفاق في ما بيننا، يجب ان يحصل رعاية من قبل الامم المتحدة، ونحن دولة مؤسسة للامم المتحدة وللجامعة العربية ولا بأس ان يكون عناك اشراف من قبل الامم المتحدة على اعادة ذات البين بين اللبنانيين على اساس ان الكل متساوون على الطاولة ولا وجود لمنطق غالب ومغلوب، ولا تمييز لاحد على الاخر، لا بفائض القوة ولا بالسلاح، واي تطوير للنظام يتم بالاتفاق وبالتسوية مع احترام وثيقة الوفاق الوطني وبنودها الاساسية، لا ان يسعى البعض الى نسف النظام برمته زاعما ان لبنان خطأ تاريخي وان القوة التي بين يديه تسمح له باللعب على هواه بالبلد ومقدراته”.
اضافت: “البطريرك يقول نحن نقول للدول ما نريد، وعندما يتم الاتفاق في مؤتمر دولي يكون ذلك لمصلحة لبنان”.
وردا على سؤال عن التحفظات على اللقاء قالت: “مشهد الهجوم سابقا على بكركي والاعتداءات على البطريرك صفير والخطابات الانتقادية اليومية السخيفة اعتراضا على مواقف البطريرك حاضرة امام الجميع، وليتذكر من نسي او يتناسى، انه لولا وجود البطريركية المارونية، لكان لبنان من اساسه غير موجود ربما.