أن الرئيس عون لن يقبل أبداً تكرار تجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي قامت بعد عام 2005 وكان عنوانها عزل الرئيس إميل لحود، والتفرّد بحكم البلاد من دون ضوابط، وهي الحكومة التي راكمت من الخسائر أكثر مما كان سائداً قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
إن الرئيس عون لن يقبل في ما تبقّى من ولايته أيّ تنازل يجعله شاهد زور، وهو يعرف ما الذي يريده «تحالف الفاسدين» في لبنان أو «القوى الخارجية» التي تريد تصفية حسابات سياسية معه ومع لبنان. وهو يكرّر بأنه لن يتنازل مطلقاً عن كل حق له بالتدخل والعمل والإشراف والرقابة.
يدرك عون أن المطلوب من أيّ حكومة جديدة المضيّ في إجراءات المراجعة والتدقيق لأجل تحديد حقيقة الخسائر التي منيت بها المالية العامة للدولة، وواقع الدين العام الداخلي والخارجي، وبالتالي فتح الباب أمام تدقيق جنائي يحدّد المسؤوليات، سواء لقوى أو سلطات أو شخصيات، ما يسمح بمعالجة قسم من الخسائر ومن الديون، ومن أجل تعديل واقع القوانين الناظمة لإدارة الدولة وللقطاعات الاقتصادية العامة والخاصة، وخصوصاً المصرف المركزي والمصارف. وهو يعرف أن هناك في لبنان من لا يريد أبداً حصول هذه العملية، وربما يوجد في الخارج أيضاً من لا يريد لهذه العملية أن تتمّ أصلاً.
بناءً على هذه الوقائع، تصرّف الرئيس عون من منطلق التسهيل، حتى بما يخصّ حصّته وحصة التيار الوطني الحر في الحكومة. وهو لم يطلب لنفسه أكثر مما طلب الرئيس المكلف لنفسه. وهو وافق على تمنّيات حزب الله بتوفير أرضية تتيح التوافق على تأليف حكومة متوازنة سياسياً، وتتوافر فيها عناصر اختصاصية. لكنّ الردّ السلبيّ جاء من قبل الرئيس الحريري الذي ردّد أمام زواره في الأيام الأخيرة أنه لا يرى موجباً لتقديم أيّ تنازل.
الحريري لا يخفي رغبته بترؤّس حكومة لا يقدر الرئيس عون، مباشرة أو من خلال مجموعة وزارية، على التأثير في قراراتها كما كان يجري سابقاً. ويبدو الحريري، مرة جديدة، أسير حسابات لا تتعلّق حصراً بمصير الحكومة، بل بمصيره السياسي أيضاً. وكل محاولة لنفي حاجته الى غطاء خارجي هي محاولة للتعمية لم تعد تنفع مع الجمهور قبل القوى النافذة”.