طريق وادي الجماجم الضيّق أفضل من التشويه

29 مايو 2021
طريق وادي الجماجم الضيّق أفضل من التشويه

كتب حبيب معلوف في “الأخبار”: آن الأوان لإعادة النظر في فكرة توسيع الطرق الجبلية التي يصرّ البعض على إدراجها في خانة “الخدمات” و”الإنجازات”، بدل تبني أفكار أكثر حداثة وجدوى كالتنمية المتكاملة والمستدامة. فتاريخياً، لم تجنِ المناطق من توسيع الطرق سوى زيادة التشويه والعمران وضرب معالم الطبيعة البكر والتنوّع فيها. وادي الجماجم، في المتن، آخر الأمثلة على التشويه المجاني ما لم يتم التراجع عن مشاريع شكلية كتوسيعه، نحو تنمية أشمل وأعمق.

 
بصرف النظر عن الحيثيات والأحداث التاريخية التي استدعت إلصاق الجماجم بأجمل الوديان في لبنان، فإن هذا الوادي الذي يفصل بين بلدتَي بتغرين وبسكنتا من الأودية البكر، نسبياً، والغنية بالتنوع البيولوجي الذي يفترض حمايته. فهذا الوادي الذي لا يزال قليل العمران، كان يفترض استمرار حمايته من العمران العشوائي، ومن مياه صرف القرى المجاورة، ومن إلقاء الردميات بعشوائية على جانبَي طريقه.
 

أما توسيع الطريق على طريقة “استثمر واضرب ضربتك وامشِ”، عبر تركيب كسارة بحص لتكسير الردميات الناجمة عن أعمال التوسيع وبيعها، أو بيع الصخور، فأمر غريب في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ولا تفسير له غير الاستثمار في القطاع أو في الانتخابات الآتية! فلو كان هذا المشروع يتعلق بالسلامة العامة، لكان المطلوب إنشاء “مونسات”، أو حواجز إسمنتية، تحمي من انزلاق السيارات إلى الوادي، وإبقاء الطريق كما هو، متوسط العرض، لدفع السيارات إلى إبطاء السير وتجنب الحوادث القاتلة في عمق الوادي. فمن شروط السلامة العامة في الأودية والمناطق الشديدة الانحدار التي تتضمن مخاطر الانزلاق، أن تبقى الطرقات شبه ضيقة للحؤول دون تهوّر السائقين. وإذا كان المطلوب تأمين السلامة العامة لأهالي المنطقة، فالأَوْلى معالجة مياه الصرف المتدفقة إلى الوادي، والتي تلوث المياه الجوفية ومياه الينابيع والأراضي الزراعية والحرجية.