بري ينتظر مَن ليس يُنتَظر

29 مايو 2021
بري ينتظر مَن ليس يُنتَظر

كتب نقولا ناصيف في  الأخبار”: العصيّ على الفهم ايضاً ما حدث على هامش جلسة الاونيسكو السبت. بارفضاضها، اجتمع برّي والنائب جبران باسيل ربع ساعة وقوفاً، ابصرهما خلالها الحريري، فسارع الى الخروج من القاعة الى المرأب المغلق للمبنى المقصور على سيارتي رئيس المجلس والرئيس المكلف. في المرأب انتظر مع مرافقيه وشرطة مجلس النواب ربع ساعة، قرب سيارته، ينتظر خروج برّي كي يطّلع منه على ما دار بينه وبين باسيل، الى ان فقد الامل وهو ينتظر خروج رئيس المجلس، فركب سيارته وسافر للتو.

ليس في المعلومات المتصلة بجهود برّي ان الفرصة فاتته. لا يزال، بحسب المطلعين، على موقفه، يعتقد بأن البلاد امام الفرصة الاخيرة فعلاً، وهي الاسبوعان المقبلان فقط. بعد ذلك يخرج التسيّب والفوضى من ايدي الجميع. لذا يُسمع برّي يقول ان لا بديل من تأليف حكومة. ما يقوله لا تفسّره سوى عبارة ان العروس لا تحضر إن لم يحضر العريس الضائع الاثر. الذي يريد ولا يريد.ليس سرّاً تدليع رئيس المجلس الرئيس المكلف ما دام – كحزب الله – يُعوّل على وجوده على رأس الحكومة بغية ضمان الاستقرار الداخلي بشقيه، السنّي – الشيعي والوطني العام.

دلّعه اولاً عندما استجاب لإصراره على تلفزة جلسة السبت الفائت، ما اتاح له على نحو غير مسبوق، من منبر المجلس بالذات لا عبر وسائل الاعلام، شن هجوم عنيف على رئيس الجمهورية اقرب الى مضبطة اتهام، الى حد اتهامه بمخالفة الدستور. سابقة لا نظير لها منذ اتفاق الطائف على الاقل.
دلّعه ثانية عندما لم يطلب رئيس المجلس شطب العبارة تلك من محضر الجلسة، على جاري ما اعتاده في حالات اقل اهمية، خصوصاً وان احكام النظام الداخلي ترعى مقام رئيس الدولة وتبعده عن اي اتهامات او التعرض له او اهانته، ما لم يكن ثمة اتهام ترعاه اصول دستورية قاسية ونصاب موصوف.
دلّعه ثالثة في الموقف الذي اتخذه البرلمان في جلسة السبت، بناءً على اقتراح برّي وإن بإجماع الهيئة العامة، لم يساوِ في تعاملها مع وجهتي نظر الرئيسين، صاحب الرسالة وصاحب الرد عليها. لم تتبنَّ ما قاله عون فيها عن “عجز” الحريري، ولم توجّه في المقابل الى الرئيس المكلف اي لوم حيال تأخره في تأليف الحكومة والاتفاق مع رئيس الجمهورية، وخصوصاً أن الموقف المصوَّت عليه ابقى المشكلة تراوح مكانها، على نحو ما هو حاصل منذ سبعة اشهر، وهو ان التأليف يُبنى على اتفاقهما. بعد انقضاء اسبوع على الجلسة تلك وتوصية المجلس، ساءت حال التأليف اكثر من ذي قبل: لا عروس ولا عريس.
الى ان يعود من ابو ظبي، ليس ثمة ما يبعث على الاعتقاد بأن تأليف الحكومة وشيك. منذ السبت الفائت، يراهن الحريري والمحيطون به على مستجد وحيد لا علاقة له بالاستحقاق المعلّق، هو احياؤه بنجاح ما يحتاج اليه في كل حين، وسيعوزه اكثر في الاشهر المقبلة على ابواب الانتخابات النيابية: شدّ العصب السنّي، وتصويره اي محاولة لإرغامه على الاعتذار انكساراً جسيماً لطائفته.