الحريري ورئاسة الحكومة… المشوار الشائك

16 يوليو 2021
الحريري ورئاسة الحكومة… المشوار الشائك

كتبت صحيفة “الراي الكويتية ” الاعتذار «المدوي» للرئيس سعد الحريري في ملابساته وتوقيته وخلاصاته وتداعياته، ليس الأول إذ سبق لزعيم «تيار المستقبل» أن اعتذر عن تشكيل الحكومة في العام 2009 ثم أعيد تكليفه بعد ثلاثة أشهر.

وكان ذلك بعيد الانتخابات النيابية في العام عينه وفي عهد رئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان.ولم يكن اعتذاره الأول بعيداً عن «الأسباب الموجبة» لخطوته الحالية إذ ارتبط التطوران بالصراع الداخلي ذي البعد الإقليمي مع تحالف عون و«حزب الله».والحريري، الذي يسجل اعتذارين عن تشكيل الحكومة، كان أُخرج من الحكومة بـ «انقلاب» سياسي – دستوري عندما استقال وزراء تحالف عون – «حزب الله» وحلفائهما في كانون الأول 2011 لحظة دخوله إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما، وهو – أي الحريري – سجل استقالتين أيضاً، واحدة من السعودية في الـ2017 سرعان ما عاد عنها، وثانية في ملاقاة انتفاضة 17 تشرين الأول الـ2019، قبل أن يُعاد تكليفه من جديد قبل نحو 9 أشهر.

وتابعت: هناك فارق بين الاعتذار في الجمهورية الأولى والثانية. ففي جمهورية ما قبل اتفاق الطائف، كان رئيس الجمهورية هو الذي «يعين الوزراء ويسمي منهم رئيساً» وفق المادة 53 من الدستور، وحكومتا الحافظ والرفاعي كانتا في أولى خطواتهما قبل أن تسقطا.أما في جمهورية ما بعد الطائف، فبات رئيس الجمهورية يسمي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة. واعتذار الرئيس المكلف يعني ان لا حكومة قائمة إلا تلك المستقيلة وتصرّف الأعمال كما هي حال حكومة الرئيس حسان دياب الحالية.في الجمهورية الثانية اذاً، اختلفت الظروف الدستورية والواقعية. سابقة اعتذار السفير مصطفى أديب الذي كان كُلف تشكيل الحكومة بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب إثر انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس 2020، لا تشبه اعتذار الحريري العام 2009، لأن الأخير كان خارجاً منتصراً من الانتخابات النيابية، وكان الاعتذار بسبب الخلافات حول المحاصصة في عملية التأليف، التي لم تعد حصراً على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، كما إصرار كل القوى السياسية على حجز مقاعد حكومية لها، حتى تلك التي خرجت غير منتصرة من الانتخابات.ورغم اختلاف المرحلتين قبل الطائف وبعده، فإن تجارب رؤساء الحكومات مع عملية التأليف لم تكن دائماً سهلة، كما عملية الحكم ثنائياً.وأضافت: أما الحلقة التي باتت أكثر تأثيراً في عملية التشكيل، فتكمن في معادلة الرئيس الأقوى والأكثر تمثيلاً لبيئته. فمنذ التسوية الرئاسية التي أوصلت الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا (اكتوبر 2016) باتت هذه المعادلة، أقوى حضوراً من أي كلام عن اختيار الشخصية السنية الأولى.لم يكن هذا المعيار معمولاً به قبل الطائف، لكن العُرف كان ان يتم اختيار الشخصية السنية الأكثر حضوراً.وما كرّستْه التسوية الرئاسية من توازن الرئاستين، فشل أمام استحقاق التأليف المتعدد الوجه، بعدما صار الجميع شركاء في عملية التأليف.حتى الآن مازالت أطول فترة تشكيل حكومة هي حكومة سلام، التي لم تخرج الى النور العام 2014، إلا بعد 11 شهراً، وبعدما تأكد للجميع ان لا انتخابات رئاسية، وان الفراغ الرئاسي سيكون سمة دائمة وستطبع مرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.وتكليف الحريري كاد يبلغ الأشهر التسعة، والاعتذار سيكون فاصلاً بين مرحلتين، على أبواب الانتخابات النيابية.لكن الأكيد أنه سيضع رئاسة الحكومة مجدداً أمام استحقاق يتعلق بضرورة التمثيل الحقيقي في الرئاسة الثالثة، قبل الحديث عن عملية التأليف في ذاتها.