اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، في تصريح لمناسبة مرور خمسة عشر عاما على صدور قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 في الثاني عشر من آب 2006، “أن هذا القرار أكد ولا يزال يؤكد التزام المجتمع الدولي سيادة لبنان واستقلاله وحريته، كذلك حرصه على حماية حدود لبنان المعترف بها دوليا. كما أنه يؤكد في متنه على أهمية التزام القرارات الدولية الاخرى ذات الصلة والمتعلقة بلبنان، ولا سيما القرارين 1559 و1680”.
وقال إن “القرار 1701 حسم أمر السيادة في الجنوب اللبناني لمصلحة الدولة اللبنانية، ولا سيما عقب انتشار الجيش اللبناني في العام 2006 على كامل منطقة الجنوب وبعد غياب عنها لأكثر من ثلاثين سنة، وليتعاون مع قوات الطوارئ الدولية في مواجهة عدوانية وأطماع العدو الإسرائيلي ومحاولاته المستمرة لإضعاف سيادة الدولة اللبنانية والحؤول دون فرض سلطتها الكاملة على أرضه. واستنادا الى ذلك فقد أسهم هذا القرار في تعزيز الاستقرار الذي يعيشه الجنوب اللبناني منذ العام 2006، وبما يؤمل أن يسهم في تدعيم الاستقرار في كل لبنان في الآتي من الأيام”.
ورأى أن “ذلك لم يكن ليتحقق لو لم يستطع لبنان وحكومته ابان العدوان الإسرائيلي في العام 2006 من الصمود، ومن ممارسة قدر عال من المسؤولية الوطنية والسياسية المستندة إلى وحدة اللبنانيين وتضامنهم الوطني، وهي الوحدة التي تجلت في ما بينهم، وأسهمت في صناعة الإنجاز اللبناني والدولي لحماية بلدهم من أطماع إسرائيل، ومنعها من الانتصار على لبنان”.ولفت السنيورة الى “إننا إذ نستذكر تلك الأيام العامرة بالحس الوطني قبل خمسة عشر عاما وإنجازاتها، نعود إلى النظر في ما آلت إليه أحوالنا الآن من انهيارات وتراجعات وإحباطات خطيرة، وعلى وجه الخصوص أن لبنان، وبعد مرور سنة على جريمة العصر في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، وفي ظل المسافة الكبيرة والمتسعة التي لا تزال تفصلنا عن طريق إحقاق العدالة عبر معرفة الحقيقة بكاملها، وتحديدا عمن كان وراء تلك الشحنة من المواد المتفجرة، ومن جاء بها، ومن سمح بإدخالها إلى مرفأ بيروت، ومن حرص على استمرار إبقائها في عنابر مرفأ بيروت مع معرفته بخطورتها؟ ومن استطاع أن يسحب ما يعادل 80% من كمياتها وإلى أين ذهبت؟ وكيف استعملت؟”.وتابع: “أقول هذا، ومن دون التقليل من أهمية التركيز أيضا على الإهمال الوظيفي الذي ارتكبه الكثير من المسؤولين في مرفأ بيروت وفي إدارات الدولة اللبنانية وأجهزتها العسكرية والأمنية، وهو الإهمال الذي أسهم أكبر المسؤولين في لبنان، وبدءا من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء والقضاة والأجهزة العسكرية والأمنية والرقابية والإدارية، والذين كان لهم نصيب معتبر من هذا الإهمال الشديد”، مؤكدا انه “لا بد من معرفة الحقيقة الكاملة وراء هذه الجريمة النكراء، وذلك بشكل متجرد، ودون أي تحوير أو تعمية على أي أحد يكون قد أسهم أو شارك أو سهل أو تسبب أو تغاضى من موقعه المسؤول عن الإسهام في منع حصول هذه الكارثة، وبما أدى إلى حصول هذا التفجير المريب. ولذلك، فإنه يقتضي رفع الحصانات أيا تكن، وبشكل كامل عن كل شخص كان له دور مباشر أو غير مباشر في ذلك”.وختم قائلاً: “بعد هذه التجارب المؤلمة، وهذه الانهيارات الخطيرة التي أصبح لبنان في خضمها، أكان ذلك على صعيد رئيس الجمهورية أو في ما خص العمل الحكومي والنيابي والإداري، فإنه ما من طريق آمن يخرج لبنان من الأتون الرهيب الذي أصبح في خضمه إلا بأن تتوفر الإرادة الصحيحة والإدراك الواعي والملتزم لدى هؤلاء في ما يتعلق بالحاجة إلى أن يصار إلى تصويب بوصلة لبنان الوطنية والسياسية والاقتصادية، وذلك عبر العودة إلى التمسك بوثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيقها، والتزام تطبيق الدستور اللبناني بعيدا عن الانتهاكات والبدع المخترعة كونهما يوفران الغطاء الأساسي للشرعية الوطنية اللبنانية. وكذلك تأكيد دور الدولة اللبنانية العادلة والقادرة، وممارستها لقرارها الحر وسلطتها الكاملة على أراضيها، وأيضا التمسك بالشرعيتين العربية والدولية، والعمل على تحييد لبنان عن اتون ازمات المنطقة. وكذلك أيضا، بالتأكيد العملي على استقلالية القضاء اللبناني وتجرده، واعتماد النهج الإصلاحي الصحيح وعلى جميع الأصعدة الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية لاستعادة النهوض والاستقرار الى ربوع لبنان، وبما يعيد الاعتبار لدولة القانون والنظام ويؤكد محاربة الفساد والإفساد، وبما يتيح للدولة اللبنانية أن تستعيد ثقة مواطنيها وثقة أشقائها وأصدقائها في العالم”.