هل “يؤخّر” اشتباك “المستقبل” و”الوطني الحر” الحكومة؟!

18 أغسطس 2021
هل “يؤخّر” اشتباك “المستقبل” و”الوطني الحر” الحكومة؟!

على تفاؤله المُعتاد، وإيجابيّته المَرِنة، حافظ رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي بعد لقائه الحادي عشر مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، والذي خرج منه ملتزمًا بـ”الثوابت” إياها: كلمة مقتضبة “مبشّرة” بالخير، مقرونة برفض تحديد مواعيد مطلقة للولادة الحكوميّة، مع ضمان ألا تكون المهلة “مفتوحة”، لاعتبارات أخلاقيّة أولاً.

 
وكالعادة أيضًا، فُسّر كلام الرئيس ميقاتي من أكثر من زاوية. ثمّة من استند إليه لضخّ موجات “تفاؤل” إضافيّة، تنبئ بقرب تصاعد “الدخان الأبيض” من قصر بعبدا، لا سيّما أنّ الرئيس المكلَّف كان “مَرِنًا” في حديثه عن “أمتار قليلة” تفصل عن التأليف، وعن “حلّ قريب” للمسابقة، بعد “تصويب” ما فُهِم على غير محمله عن “ضياع” ملف التشكيلة من يديه.

 
لكن، في المقابل، ثمّة من اختار مرّة أخرى أن يستخرج منه “سلبيّات” تعمّد الرئيس ميقاتي عدم الإضاءة عليها، فكان الحديث المكرّر عن عقد لا تزال تحول دون إنجاز التأليف، تتفاوت ما بين بعض الأسماء والحصص، في ظلّ معادلة جديدة أطلقها البعض، قوامها أنّ الساعات المقبلة ستكون حاسمة، فإمّا تُفَكّ العقد وتبصر الحكومة النور، وإلا فلا حكومة.
 
كيف يؤثّر السياق العام؟
 
بين “المتفائلين” و”المتشائمين”، ثمّة “تقاطع” على وجوب وضع الأمور في سياقها الزمانيّ والمكانيّ، باعتبارات أنّ اللقاءات المكثّفة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف ليست “معزولة” في محيطها، بل هي تعبّر في مكانٍ ما عن الواقع العام الذي تشهده البلاد، بحيث لا بدّ للإيجابيّة أن تنعكس “ارتياحًا” على المستوى الحكوميّ، والعكس صحيح أيضًا.
 
من هنا، يعتبر البعض أنّ “التشاؤم” قد يكون مرتبطًا بالاشتباك السياسيّ الذي “تفجّر” من جديد في الأيام القليلة بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر” من جهة، وفريق تيار “المستقبل” ورئيسه سعد الحريري من جهة ثانية، على خلفيّة التفجير الآثم الذي شهدته منطقة عكار، والذي أعاد الخطاب السياسي “الناري” إلى أوجه، مع تقاذف الاتهامات بين الجانبين، فضلاً عن الدعوات إلى الاستقالة.
 
ولعلّ هذه “الثغرة” بالتحديد هي التي انطلق منها البعض لاتهام الرئيس سعد الحريري بـ”التشويش” على عمليّة تأليف الحكومة، وهو ما نُسِب تحديدًا إلى “عونيّين”، وضعوا هجوم التيار “الأزرق” الأخير على الرئيس الأخير، في إطار “تصفية الحسابات” مع “العهد”، والسعي للإضرار به، حتى إنّ بعضهم تساءل كيف يمكن لمن يدعم الرئيس المكلف، ويسهّل تأليفه، أن يطالب بتنحّي “شريكه” في التأليف، أي رئيس الجمهورية.
 
العلاقة “متينة” وأكثر
 
ذهب أصحاب هذا الرأي، من دعاة منطق “التشاؤم والسلبيّة”، إلى حدّ القول إنّ الرئيس المكلّف يعتبر هجوم “المستقبليّين” على رئيس الجمهورية، موجَّهًا نحوه شخصيًا، بشكلٍ ينافي الحقيقة، وهو ما دفع الرئيس ميقاتي إلى إصدار بيانٍ يؤكّد فيه على “متانة” العلاقة مع الرئيس الحريري وسائر أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين، وهو بيان لم يتأخّر “الشيخ سعد” في تلقّفه سريعًا بالروح الإيجابيّة نفسها.
 
ويعتبر العارفون أنّ “التسلّل” من باب العلاقة بين الرئيسين الحريري وميقاتي لم يكن موفَّقًا، خصوصًا أنّ “السجال” الذي دار في اليومين الماضيين بين الحريري وفريق “العهد” هو سياسيّ بالدرجة الأولى، كما أنّ الكلّ يعلم أنّ العلاقة بين الجانبين ليست على ما يُرام، وتحوّلت إلى “قطيعة” منذ ما قبل اعتذار الرئيس الحريري، لكنّ ذلك لا يعني بأيّ حال من الأحوال أنّ الأخير لا يريد تشكيل حكومة، أو أنّه مقتنع بوجود مَخرَجٍ آخر.
 
ويشير هؤلاء إلى أنّه لو أنّ الرئيس الحريري لم يكن داعمًا للرئيس ميقاتي في مهمّته، لما دعم وبارك تسميته من الأساس، مع العلم أنّ الرئيس المكلّف نفسه ما كان ليقبل “تكليفه” من دون مؤازرة رؤساء الحكومات السابقين، تمامًا كما يدرك اليوم أنّ ما حصل من تفجير أمني، وما تلاه من اشتباك سياسي، يتطلّب “التعجيل” بتأليف الحكومة، بدل “الالتهاء” ببعض “القشور” حول ما يريده هذا أو يضمره ذاك، من خارج السياق.
 
في بيانه أمس، كان الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي واضحًا في “تمنّيه” على وسائل الإعلام التركيز على الإيجابيات المطلوبة لإنجاح تشكيل الحكومة والانطلاق الى المعالجات المطلوبة. وهو عاد ليكرّر الموقف نفسه بعد لقائه رئيس الجمهورية، متحدّثًا عن “إيجابيّات” رغم كلّ شيء. هي “الإيجابيّة” إذاً التي يصرّ عليها الرئيس المكلّف، والتي قد تكون “حبل النجاة” الأخير لبلدٍ ما عاد قادرًا على خوض المزيد من “المغامرات”…