للمرة الاولى منذ حراك ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، يستعيد “حزب الله” المبادرة السياسية والاعلامية في مواجهته مع الولايات المتحدة الاميركية. استطاع الحزب امس قلب الطاولة بعد اعلان امينه العام السيد حسن نصرالله انطلاق الباخرة الايرانية التي ستنقل النفط الى لبنان.
حقق الحزب اهدافا عديدة من خطوته هذه، اولها واهمها دخوله بشكل واسع الى الساحة الاقتصادية اللبنانية، عبر تحكمه بجزء اساسي من امدادات المحروقات الى لبنان، وهذا بحد ذاته تطور في المواجهات بينه وبين الاميركيين اذ فرض نفسه منافسا لهم في حدى دوائر نفوذهم في لبنان.
كما ان الحزب اعاد الضوء الاعلامي الى سردية انتصاراته التي سوق لها مراراً، وشد عصب جمهوره وبيئته الحاضنة مؤكدا انه لن يتركها لمصيرها في ظل الانهيار الحالي، الامر الذي سيزيد على جوانب شرعيته الشعبية شرعية اخرى مرتبطة بالامن الغذائي والمعيشي، وسيصبح مجددا ملجأ لجمهوره.
استطاع “حزب الله” القيام بأولى خطواته لملء الفراغ الناتج عن الانهيار، وهو الامر الذي كان مدار نقاش جدي وطويل داخل الولايات المتحدة الاميركية في اطار البحث في جدوى الضغوطات وانهيار لبنان الاقتصادي والنقدي، حيث كان هناك رأي يعتبر ان الذهاب الى الانهيار سيستفيد منه الحزب في حين ان آخرين اعتبروا ان انهيار البلد سيتبعه انهيار الحزب.
لكن ردة فعل واشنطن، التي يبدو انها حسمت قرارها بالتراجع نسبيا عن الضغوط الحاصلة بالتوازي مع وصول الباخرة الايرانية بدل تشديدها، اظهرت ان هناك ارباكا اميركيا من خطوة الحزب، علما ان تسريبات اعلامية كانت قد اكدت مرارا اتجاه الحزب للقيام بها.
وبحسب المصادر فإن ارباك واشنطن الظاهر من خلال تصريحات السفيرة الاميركية دوروثي شيا والتي اظهرت ان المساعدة الاميركية تأتي بعد خطوة الحزب وكردة فعل عليها، يعود اما لعدم توقع الاميركيين ان يكون تلويح الحزب باستيراد النفط الايراني جديا وممكناً، اما انهم فشلوا في تظهير ردة فعلهم اعلاميا..
استطاع الحزب ان يضع الكرة في ملعب الاميركيين، فإما الذهاب بإتجاه المزيد من الضغوطات والعقوبات ردا على خطوة ادخال النفط الايراني، التي لن يتم التراجع عنها حتى لو توفرت المحروقات في لبنان، وبالتالي افساح المجال امام الحزب للقيام بخطوات كخطوة النفط الايراني في مجالات عدة وهذا لا تريده واشنطن، واما الذهاب نحو تخفيف الضغوط الاقتصادية والمالية ما سيمكن الحزب من تسويق فكرة انه كان المنقذ، ما سيعزز وضعه ووضع حلفائه قبل الانتخابات المقبلة وهذا ما لا تريده واشنطن ايضا.
“حزب الله” يستعيد المبادرة.. هذه هي خيارات واشنطن المحتملة!
