بعد اليأس من الدّولة.. نِقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية تناشد منظمة الصحة العالمية

25 أغسطس 2021
بعد اليأس من الدّولة.. نِقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية تناشد منظمة الصحة العالمية

يبدو أن حالة من اليأس الكلي من الدولة وأجهزتها كافة تضرب القطاع الخاص، الذي يتخبط يوميا للبقاء والصمود في ظل أوضاع سوداوية ومأساوية. ويعاني القطاع الاستشفائي من أزمات حادة على جميع الصُّعُد، بالأخص تلك التي تتعلق باستيراد الأجهزة والمستلزمات الطبية. وعليه، ننشر رسالة موجهة من  نِقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية إلى منظمة الصحة العالمية، تطلب فيها المساعدة لتجنب التوقف التام عن الاستيراد، مما سيؤدي حتمًا إلى الشح في الأجهزة الطبية في لبنان.نبعث لكما بهذه الرسالة لتوضيح الأسباب الرئيسية لأزمة استيراد الأجهزة الطبية في لبنان، آملين أن تمدّا يد العون بشكل مباشر أو غير مباشر وتتمكّنا من حثّ الجهات المسؤولة على وضع حد لهذه الأزمة.نتفهم جيدًا النقص الحاد في العملة الأجنبية في لبنان، كما والأسباب الكامنة وراء ذلك والتي ليست موضوعنا في هذه الرسالة؛ لكننا نوضح في ما يلي عاملَين أساسيَّين تسبّبا في توقّف الشركات عن استيراد الأجهزة الطبية، وبالتالي التوقف عن تلبية حاجات المستشفيات والمرضى، من إدارة الجروح الأساسية إلى الحصول على الأجهزة المعقّدة المخصّصة للزرع في مجال أمراض القلب والأعصاب.

تضمّن قرار مصرف لبنان المركزي بدعم شراء الأجهزة الطبية في المرسوم رقم 535 عدة عيوب، أهمها “الغموض” في عملية اتخاذ قرار الدعم (إن العملية غامضة في كل مراحلها، على سبيل المثال، في ما يتعلق بالمواد التي ينبغي يدعمها، من سيحظى بالدعم ومتى سيتم دعمها، أو متى سيتم دفع قيمة المواد للموردين الأجانب).إضافةً إلى ذلك، أجبرت “العملية” الشركات على استيراد البضائع وتصفيتها من أجل تقديم المنتجات التي ينبغي دعمها إلى المصرف المركزي، مما يعني أن الشركات تخاطر بشراء المنتجات دون معرفة تكلفتها الفعلية (1500 ليرة لبنانية / سعر الدولار المدعوم الرسمي أو 20000 ليرة لبنانية / سعر الدولار حسب سعر السوق).تم حظر الاستيراد تمامًا بسبب المسؤولية المشتركة بين المصرف المركزي ووزارة الصحة، ونستعرض الأسباب فيما يلي:من ناحية المصرف المركزي:- تأخُّر المصرف المركزي في تنفيذ الملفات لمدة زمنية تتخطّى أكثر من 6 أشهر- رفض الكثير من الملفات بقيمة إجمالية تزيد عن 50 مليون دولار أمريكي لأسباب معروفة وأخرى غير معروفة (التي ستكلّف اليوم أكثر من 600 مليون دولار أمريكي بحسب سعر السوق)- عملية الموافقة المسبقة الجديدة التي فرضها مصرف لبنان ووزارة الصحة منذ 7 أيار 2021، وحتى الآن، لم تتم معالجة أي من هذه الملفات.من ناحية وزارة الصحة:- على الرغم من أن العملية التي فرضها مصرف لبنان تتطلب من الشركات استيراد المنتجات ثم تقديم الملفات للحصول على الدعم، اتهمت وزارة الصحة الشركات (بإجراءات قانونية) بتخزين المنتجات. يُعَدّ هذا الاتهام غير منطقي، لأن عملية الدعم في حد ذاتها تتطلب من الشركات الاستيراد أولًا (أي الأسهم) ثم التقدم بطلب للحصول على الدعم.- طرأت المشكلة الكبرى عندما بدأت وزارة الصحة في إكراه الشركات على بيع المنتجات التي لم يدفع ثمنها المصرف المركزي للموردين الأجانب بعد، بالسعر المدعوم. وقد أجبر ذلك العديد من الشركات على تحمل مخاطر كبيرة وفي كثير من الحالات مخاطر الإفلاس حيث كانت تبيع بعض المنتجات بأقل من 10٪ من تكلفتها الحقيقية في حال رفض المصرف المركزي ملفاتها.- ازداد الأمر سوءًا عندما قررت وزارة الصحة رفض تمرير المنتجات عبر الجمارك ما لم تلتزم الشركات كتابيًا ببيع المنتجات بأسعار مدعومة حتى قبل موافقة المصرف المركزي على ملفاتها. توقفت غالبية الشركات عن استيراد المنتجات بعد قرار وزارة الصحة هذا، ونتيجة لذلك، أضحى المرضى القادرين على شراء الأجهزة الطبية بأسعار عادية وغير مدعومة، غير قادرين على العثور عليها.تؤدي كل الأسباب المذكورة أعلاه إلى الإيقاف الكامل للاستيراد وبالتالي الشح في الأجهزة الطبية في لبنان.إننا بأمسّ الحاجة إلى مساعدتكما ودعمكما في الحصول على الإجابات والقرارات البسيطة والمباشرة المتعلقة بالمسائل التالية من المصرف المركزي ووزارة الصحة:1. إجابة واضحة من المصرف المركزي حول التاريخ الذي سيدفع فيه قيمة جميع الملفات المعلَّقة المرتبطة بالأجهزة الطبية التي تم بيعها بالسعر المدعوم.2. إجابة واضحة من المصرف المركزي حول ما إذا سيمنح الموافقة المسبقة أم لا.3. قرار فوري من وزارة الصحة بالسماح للشركات ببيع منتجاتها بأسعار غير مدعومة. بعد ذلك، يمكن استخدام دعم المصرف المركزي لدعم المرضى الذين يحتاجون إلى دعم مالي.4. تصريح واضح من وزارة الصحة يقر بأن المنتجات المدعومة هي التي يدفعها المصرف المركزي للموردين الأجانب وليس المنتجات التي يتم مراجعتها من قبل المصرف المركزي. إن الوعد بالدفع أو حتى الالتزام بالدفع من جانب الحكومة قد فقد كل مصداقيته.سيسمح تطبيق ما ورد أعلاه للقطاع الخاص بالاستمرارية واستئناف العمل. إن هذه الاقتراحات لن تحل أزمة الأجهزة الطبية، إلا أنها ستقلل من حدّتها حيث ستبدأ الشركات في متابعة الاستيراد وسيتم استخدام أموال الدعم المتبقية (إن وُجدت) بطريقة أكثر فاعلية بواسطة الدفع المباشر وفقط للمرضى الذين يحتاجون إلى الدعم.نقدّر دعمكما العاجل ونشكركما مقدّمًا.سلمى عاصي مدير عام