لم يكن وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي يدرك أنه قد يُضطر يوماً ما لتسيير أعمال مرفق عام هو وزارة العدل، وإن بوكالة موقتة، مع غياب الوزيرة الأصيلة ماري كلود نجم ومغادرتها لبنان لفترة غير محددة تتصل بظروف عائلية طارئة، فهل من إشكاليات قانونية أو دستورية تحول دون تولي فهمي لوزارة العدل بالوكالة كما ورد في مرسوم تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب؟ وما هو الإجراء الذي قد يتخذه رئيس الحكومة المستقيلة لملء الشغور في هذه الوزارة الحساسة التي تحوّلت في حمأة التشكيل والتأليف الحكومي الى وزارة ب “خمس نجوم”؟
ليس في الدستور أحكام صريحة تنص على الوكالة، فالوزير الوكيل يتمتع بكل الصلاحيات المتعلقة بالوظيفة، غير أن مدة الوكالة يجب أن تكون قصيرة بحسب اجتهاد لمجلس شورى الدولة( القرار الرقم ٢٩١ تاريخ ١٨/١/١٩٩٦)، كما أن بدء تنفيذ الوكالة يفترض بصورة أساسية وجود “عائق ما” لسلطة الوزير الأصيل يحول دون ممارسته لمهامه مثل السفر أو المرض، والعائق الأول أي السفر “متوافر” في حالة “نجم- فهمي”.
وإذا تعمّقنا أكثر في اجتهادات مجلس شورى الدولة في هذا الإطار، نلحظ أنه يحق لهذا المجلس التأكد من واقع غياب الوزير الأصيل، وبالتالي يمكنه أن يتحقق من توافر شروط الوكالة ومراقبة شرعية الأعمال التي صدرت عن الوزير الوكيل.
ومن دون الإغفال أن الوزير بالوكالة هو وزير أصيل في وزارة أخرى، فإن هذه الوكالة تنتهي حكماً عندما يعاود الوزير الأصيل إدارة شؤون وزارته أي عندما تنتفي الظروف التي أدت الى انقطاعه عن العمل.
ذات “تشرين ثانٍ” ليس ببعيد، قرر “الوزير المقصّر في حماية قصور العدل وحراستها” أي الوزير فهمي، كما يصفه غير المتحمّسين لأدائه في وزارة الداخلية، أن يوصّف، في حديث تلفزيوني، ظاهرة الفساد في السلك القضائي وإذعان عدد من القضاة للضغوط السياسية ،فتحدث عن نسبة فساد مستشرٍ بينهم تصل الى ٩٥% ، فقامت قيامة القضاة فوق أقواس محاكمهم ولم تقعد، فماذا ستكون عليه الحال إن تولّى وزير الداخلية رئاسة الهرم القضائي؟
بعض أصحاب النوايا الحسنة يؤكد أن الوزير، من خلال مقولته الشهيرة هذه، لم يأتِ بجديد، وإن كان في الرقم المطروح مبالغة قياساً بمهام السلك القضائي. أما مَن يساوره سوء النية أو ربما الواقعية فيجزم أن الرقم هو ٩٥ ونص كمان…
وفي الخلاصة، ومهما قيل، فالأكيد ان الوزير فهمي سيتربع على ” عرش العدلية” مع وزارتي العدل والداخلية بالانابة والاصالة .فهل تكون تجربته سابقة تكرس حكوميا بالاصالة والوكالة؟