وكأن الانهيار الحاصل لم يكفِ لتعطيل القطاع السياحي، لتأتي أزمة شح المازوت وتقضي عليه نهائياً. فالمشهد الذي يعيشه لبنان مع شح المازوت يزيد الأوضاع سوءاً. حيث تتسع رقعة العتمة يوماً بعد آخر، باسطة الخراب على مساحة الوطن. المراكز التجارية الكبيرة أو ما يعرف بـ”المولات” كانت الأكثر تأثراً بانقطاع المادة والاضطرار إلى شرائها من السوق السوداء. فاقفل بعضها جزئياً، والبعض الآخر مرحلياً والكل يراجع خيارته بالبقاء أو الانسحاب من السوق اللبنانية.
التأقلم مع الوضعمنذ بدء الازمة المالية والمولات تواجه صعوبة في وضع أي خطة مستقبلية. فتطور الأحداث وسرعة انهيار الليرة مقابل الدولار، فشّلا كل خطة اقتصادية تم بحثها ومناقشتها في هذا المجال. “وجاءت مشكلة شح المازوت لتزيد الوضع تعقيداً”، يقول رئيس مجلس إدارة شركة أدميك وستي مول ميشال أبشي، ما دفع بالمولات الى اتخاذ القرارات التالية:- تخفيف ساعات العمل. حيث أصبح دوام عمل المولات من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الساعة التاسعة مساءً.
– تخفيف ساعات تشغيل المكيف، وذلك حسب قدرة كل مجمع على ذلك.- محاولة إدارة المولات مساندة وتحفيز المستثمرين وخاصة المطاعم والسوبرماركت، من خلال تأمين الكهرباء قدر الامكان للحفاظ على منتجاتهم وحماية الأمن الغذائي. وهذه ميزة لا يمكن أن تتوفر لدى المطاعم والسوبرماركت الموجودة خارج المولات.فعلى سبيل المثال أعلنت إدارة ABC تعديل أوقات عملها نتيجة أزمة الكهرباء. فهي تفتح محلات البيع بالتجزئة والمطاعم الداخلية من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الساعة التاسعة مساءً، ودور السينما والمطاعم الخارجية من الحادية عشرة صباحاً حتى الساعة الحادية عشرة مساءً. أما بخصوص مجمع city center فهو يفتح أبوابه من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الساعة التاسعة مساءً.الرواد شبه موجودين… والخسائر كبيرةالأزمة تهدد العلامات التجاريةهناك تأثير سلبي على العلامات التجارية أو ما يعرف بـ”الماركات”، فأغلبها تشغل مساحات واسعة في المولات، يقول رئيس “الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز” يحيى قصعة، “وقد أدت الأزمة الاقتصادية بشكل عام وأزمة المازوت بشكل خاص الى تراجع نسبة البيع وبالتالي نسبة الربح، ما ينعكس على رواتب الموظفين. وقد تؤدي هذه الأزمة الى خسارة قيمة العلامات ومظهرها في الأسواق وتضطرها إلى الرحيل”.”هرطقة” اقتصاديةلم تعد الأمور مسألة أيام وحلول موقتة، “إن لم يتم إيجاد حل سريع وفعّال للأزمة، ستكون العتمة أمراً عادياً في لبنان. ومعها سيتوقف الانترنت والهاتف والمستشفيات وكل الخدمات”، يقول قصعة. ومن المستحيل بعد كل التطور الذي وصلنا له أن نعيش في القرن الـ21 من دون كهرباء. فالحل بنظر قصعة يكون “عن طريق وقف كل سياسات الدعم والـ”هرطقة” التي بدورها تخلق بنية اقتصادية بديلة غير منظمة وتفتح المجال لخلق سوق عشوائي وفوضوي، يستفيد من سياسة الدعم قسم قليل من الشعب وتتضرر بصورة مباشرة كل القطاعات الانتاجية والخدماتية”.