من ابرز مهام الحكومة الجديدة اجراء الانتخابات النيابية والبلدية في موعدها الدستوري ، وبعض من كان يفضل عدم تشكيلها كان يرغب بتأجيل الاستحقاق النيابي. ولعل من ابرز اسباب الضغط الدولي والمساهمة بالتشكيل وربما بالمساعدة لاحقا لتخفيف الانهيار ، هو اجراء الانتخابات في موعدها. من هنا اضحت هذه الانتخابات محورا اساسيا ورهانا كبيرا لدى قوى محلية واقليمية.
من الولايات المتحدة الاميركية الى اصغر جمعية مجتمع مدني في لبنان مرورا بأحزاب وقوى سياسية عدة، كلها تراهن على الانتخابات. يظن البعض انه قادر على قلب الطاولة في حين ان اخرين يظنون انهم وفي حال حققوا نتيجة جيدة في ظل الضغوط سيفرضون نفسهم امرا واقعا لا يمكن تجاوزه.تهدف واشنطن بشكل اساسي من خلال الانتخابات المقبلة، الى تحقيق هدفين اساسيين، الاول بدء عملية استبدال الاحزاب الحليفة لها، والتي باتت قوى سياسية “ثقيلة” في المجتمع اللبناني وغير قادرة على الاستقطاب والاقناع، بقوى اكثر حيوية واقناعا، وهي قوى التغيير والمجتمع المدني، وهذا لا يتحقق الا في حال استطاع هؤلاء تحقيق خرق جدي في الانتخابات، وليس مهما على حساب مَنْ.
اما الهدف الثاني فهو زيادة الحصار على “حزب الله”، وعزله قدر الامكان على الساحة الوطنية خصوصا بعدما تعذر عزله داخل بيئته، لذلك فإن تغيير التوازنات داخل الساحة المسيحية بشكل خاص يعتبر هدفا اساسيا لواشنطن وحلفائها.من هنا يظهر ان التحضيرات على الساحة المسيحية بدأت بشكل جدي، ان كان لجهة الاتصالات بين بعض القوى الاساسية من اجل عقد التحالفات ، او لجهة الحراك الجدي للنواب المستقيلين من المجلس او حتى لجهة النشاط الاعلامي لبعض جمعيات المجتمع المدني.لكن واشنطن ليست الجهة الوحيدة الراغبة بالانتخابات، فحزب الله ايضا يسعى الى الفوز بالاكثرية، بطرق مختلفة وتحالفات متعددة، اذ يبدو ان قرارا اخذ بأن خوض هذه الانتخابات سيكون لاجل الفوز الساحق.يرى الحزب ان الانتخابات المقبلة ستكون فرصة للحفاظ على التوازنات ما سيشكل ضربة لكل المحاولات الاميركية لاخراجه من الاطر المؤسساتية للدولة اللبنانية، ما قد يؤدي الى تخفيف الضغوط نظرا لعدم جدواها.تعمل معظم القوى السياسية بشكل جدي من اجل اثبات وجودها في صناديق الاقتراع ، لان الفشل في هذه الانتخابات، في ظل ما بدأ يظهر من تطورات توحي بأننا مقبلون على مرحلة انتقالية، يعني الخروج من الحياة السياسية مباشرة او تدريجيا.